سفر المطر .....
هناك ذاب الصنوبر ....والسماء والأرض ...وذاب قلبي الصغير المشتاق.......هناك بين روائح السنديان وروائح الليمون ذابت حبات المطر الندية الهيماء ......
هناك أطلقت العنان للخيال عبر الأفق الذي ضم الشمس و السحاب... وعشت قصة سفر الأمطار.....ففاضت علي بكل الذكريات .....
المطر الملامس لخدود الجبال الخضراء الصفراء بحنان عاشقٍ ولهان, أنعش في داخلي الحب و السلام.....وهمساته الرقيقة على مسامع التلال , كشدو عصفور على الأغصان ... وكترتيله لحن على ناي , ردت إليّ الحياة .....حياة أنثى تعشق الأمطار...وتهوى دلال الأشجار حين تلامساها كفوف الأمطار...وتعشق نسيم الجبال حين يتعطر بشذى الأمطار...
هناك عند أشجار الصنوبر والسنديان جاءني طيفك هدية ملفوفة بحبات المطر .... ومن بين ظلال الأشجار الهاربة من شمس الشتاء ...لمحت وجهك مبتسما ابتسامة خفيفة كرائحة صنوبر غفت مع روائح المطر بين أحضان التلال.... وصادفت عيناك اللتان أطلتا على اشراقة روحك فأيقظتا في روحي عوالم خضراء في زمن الصحراء.........
هناك كان للمطر رحلةً ومغزى............فهو لا يسقط فوراً على التراب ...بل يمر أولاً على أوراق خضراء ...أوراق الليمون والزيتون...أوراق السنديان والغار ...ليلملم منها روائح الغابات.... ثم يتهادى إلى نهاية الأوراق قطراتٍ تنسابُ متلاحقةً, كقبلاتٍ تلثمُ وجهَ التراب ...وتطول رحلته حين يتراقص بين أغصان الأشجار ..وقبل أن ينتهي في أحضان الثرى المشتاق.... ليتغير شذاه ...ولتحلو همساته و ترانيمه....
سافر المطر من و إلى هناك ليحمل أرق سلام...مني إليكَ ...ومنكَ إليَّ..سافر المطر ليودِعَ طيفكَ المتعلق بحبات المطر أمانةً عند أوراق الشجر... وتلك الأشجار دائمة الخضار كروحك ... حبيبي....
سافر المطر ليوصِي نسائم الجبال أن تحمل طيفِكَ بلطفٍ من على الأوراق وينشرهُ
عطراً في ثنايا الهواء ...ليسري في جسدي ....ويشعلني كحطب الشتاء ....