قصة جديدة :
دعاء ........ بنت الثلاث سنوات دخلت موسوعة جينس القياسية ؟؟!!!
" كأصغر متسولة في دمشق "
كي تحمي نفسها من لهيب الشمس الحارقة، تجلس متربعة ظهرها
إلى السور، وتغطي شعرها بمنديل اكبر من مقاسها بكثير، تضع أمامها
كيس نايلون اسود فيه بضع قطع من فئة الليرة وفئة الخمس ليرات، تصرخ
بإيقاع مستنسخ ممطوط" من شان الله ساعدوني..ساعدوني يا إخوان، الله واكبر.."
يستفزك صوتها، ليس لأنه طفولي بل لأنه غادر طفولته في امتهان
فاضح من قبل عالم الكبار، تتذكر انك سمعت نفس العبارة في مكان
ما من المدينة، وبنفس طريقة الأداء لكن لأشخاص اكبر سنا وأكثر
توغلا في رحلة الحياة.
اقترب منها واسألها عن اسمها فتجيب "دعاء" وعمرها "ثلاث سنوات"
وعن والدها " بالحبس" ووالدتها" مريضة بالبيت" ومن أتى بك إلى هنا" لحالي"
أين بيتكم" لا اعرف".
حوار محكم مدروس، لا يوجد فيه ثغرات توصلك إلى ما تريد، هناك من تخيل ما سيحدث وقد درب الطفلة على ما يجب ان تقول.
على بعد بضع خطوات يجلس رجل عجوز وأمامه بسطة صغيرة "قداحات".
ينفي صلته بالطفلة ويقول ان امرأة وضعتها هنا. إلى الأمام قليل تواجد نساء
يضعن أمامهن بضائع مهربة/ معلبات بأنواعها، كاسات وأدوات كهربائية../
عندما يشاهدن الكاميرا بيدي يستدرن مخفيات وجههن، وتتوعد احدهن قائلة
بصيغة الأمر" لا تصور"، بعد ان يقتنعن بأني لا أريد تصويرهن، إنما فقط أريد
السؤال عن الطفلة التي على تجلس عند الزاوية، يتنفسن الصعداء تقول إحداهن"
شو أول مره بتشوف بنت عم تشحذ، مرا جابتها وحطتها هنا والمسا تأتي وتأخذها".
دعاء التي تجلس على رصيف في البرامكة خلف مجمع الأمويين الاستهلاكي،
ليست الوحيدة، فهناك طفلة أخرى على جسر المشاة بشارع الثورة (((بقايا الطفولة
التي أراها يوميا والتي اتحدث عنها في موضوع ))
أمامها بسطة صغيرة وشاب على بعد بضعة أمتار يراقبها، وطفلة ثالثة
في باب الجابية يجلس قربها رجل بترت ساقه، وأخريات مع أمهات على
أرصفة شارع القصاع، لكن دعاء - في تطور غير مسبوق لمهنة التسول
في سوريا- هي اصغر متسولة في دمشق تقوم بعملها دون مساعدة
من احد، ودون ان يتدخل احد حين تكلمنا معها،
ودون ان يقر اي من الجوار بأنه يعرفها، وحتما هي ليست ابنتك.
وصورة أخرى ........ لمأساة طفل جديدة ..........
