المُلحد
للمؤلف: عبد الباقي يوسف
كانت على مَشارف الثّانية والعشرين من عمرِها، وكان يكبَرُها بخمسِ سَنواتٍ، عِندما وَقَعَتْ عينَاهَا عليهِ لأوَّل مرَّة، تِلكَ النَّظرة الأولى التي كَانَتْ الأساسَ الذي شَيَّدَتْ عليهِ عِمارةَ عائِلَتِها الصّغيرة هذه، عَائلتها التي أصبحَتْ عَالمهَا كلّهُ. مِن يومِهَا غَدَتْ تَثِق بأهمّيَّةِ النَّظرَةِ الأولى، ومَا يُمكِن لَهَا أنْ تفْعَلَه، سواء سَلباً، أو إيجاباً.
عندَما وَقَعَتْ نظرتُها الأولى على وجهِهِ مُصادَفةً في ذاكَ المَشهَدِ الدّمويّ المُروّعِ، وسطَ تَداخُلِ صَيحاتِ الأطفَالِ، بِزَعيقِ النّساءِ، بآهاتِ الرّجالِ، إلى جانِبِ أجسادٍ بشريَّةٍ تحوَّلَتْ إلى أشْلاءٍ، أو تفحّمَتْ، لا تَدرِي لِماذا راودَهَا إحساسٌ مُباغَتٌ بأنَّ حَمَامةً بيضَاءَ قدْ فرَّتْ من صَدرِهَا، وما تَزالُ تَتساءَلُ في سرّهَا: لكنْ لِماذا حمامَةٌ بيضَاء بالضّبطِ، وهي فِي ذروةِ هَولِ تلكَ اللَّحظاتِ المُروّعَةِ التي رَأتْ فِيها نَفسَهَا بينَ الموتِ والحياةِ، تَتراوحُ بينَ الغَيبوبَةِ والوعِي؟!.
في تلْكَ اللّحظاتِ المُدمِّرةِ، أدْركَتْ أنَّها تُمسكُ بيدِهِ، كما لو أنّهُ سَفينةُ نَجاةٍ أتَتْ لِتُنقذَهَا من الغَرقِ، فغَدَتْ تَضْغطُ على زِندِه بقوَّةٍ، الأمرُ الذي جَعَلَهُ يفتَحُ عينَيهِ لِتَقعَا على مَساحَةِ وجْهِهَا بالقربِ منهُ.
تفاصيل كتاب المُلحد
للمؤلف: عبد الباقي يوسف
التصنيف: المكتبة الأدبية -> الرواية - روايات عربية
نوع الملف: pdf
أضيف بواسطة: عبد الباقي يوسف
بتاريخ: 02-05-2022
عدد مرات التحميل: 0
مرات الزيارة: 59
عرض جميع الكتب التي أضيفت بواسطة: عبد الباقي يوسف
عرض جميع الكتب للمؤلف: عبد الباقي يوسف
