تجليات قصّة يوسف في الشّعر الأندلسيّ

تحاول هذه الدّراسة أن تقدّم قراءة جديدة للنّصّ الشّعريّ الأندلسيّ في ضوء البحث المتأنّي في الآليّة التي تعامل بها الشّاعر الأندلسيّ مع البيان القرآنيّ. ويقف البحث في رحاب قصّة يوسف عليه السّلام نموذجاً نرافق فيه الشّاعر الأندلسيّ في مرحلة استحضاره ثقافته الدّينيّة للتّعبير عن تجربته الشّعريّة الخاصّة، لنكشف من خلال ذلك عن أبرز التشكيلات الثّقافيّة والجمالية في نصوص الأندلسيين الشّعريّة، وأثر هذه التّشكيلات في تكوين بنية النّصّ الشّعريّ ودلالاته. عندها نتعرّف شيئاً من أسرار الإبداع الشّعريّ الأندلسيّ. وثمّة دوافع إلى التّفكير بضرورة إنشاء دراسةٍ تبحثُ في خصوصيّة الإبداع الشّعريّ الأندلسيّ، ولعلّ الدّافعَ الرّئيس شيوعُ المقولة الآتية: ظلّتْ أبصار الشّعراء الأندلسيين شاخصةً إلى الشّعر المشرقيّ تتخذهُ مثالاً يُحتذى إلى أنّ غربت شمس الحضارة العربيّة عن ربوع الأندلس. هذه المقولة الصّحيحة إلى حدٍّ ما تجعلُ الشّعر الأندلسيّ في موضع اتّهام وشكّ، ولاسيّما أنّ قارئَ الأدب الأندلسيّ يلحظ قلَّةَ الدّراسات التي تسلّط الضّوء على مواهب الأندلسيين الأصيلة، وتحمد لهم بدائعهم الشّعريّة الفريدة. لذا نشأت هذه الدّراسة بحثاً عن بصمة مميّزة للشّعر الأندلسيّ في صرح شعرنا العربيّ العريق. وختاماً أرجو أن يقدّم البحثُ دراسة وافية تكشف عن أحد الجوانب المضيئة من صفحات أدبنا الأندلسيّ الخالد. وعسى أن يكون حضورُهُ في نفس القارئ من المتعة والفائدة حضورَ قميص يوسفَ في أجفان يعقوب.