الصرصور والنملة

كلمة على الهامش قصّة الصّرصور والنملة معروفةٌ... حفظناها ونحن صِغار... كان الصّرصور رمزاً للكسل... لماذا؟ لأنه يقضي الصيفَ كلّه في الغناء. وكانت النملة رمز الجدّ والعمل. لماذا؟ لأنها تجمعُ بعضَ الحبّ من وراء مناجِل الحصّادين... ثم تضّن على جارها الشاعر الغريد بحبّات في الشتاء تقرضه إياها ليسدّ بها رمقه. لم تعجبني القصة بروايتها القديمة هذه منذ طفولتي... كنت أضيق بهذه النملة الشّحيحة التي تأخذُ كل شيء... ولا تعطي شيئاً... تعيشُ على فضلاتِ غيرها... ثم تقبض يَدها عن أقلّ العون... وتزهو ببخلِها زاعمةً أنها أم الحِكمة.. وكان الصّرصور الطّيب، الذي يُنفق أيامَ الصّيف كلّها في الغِناء يُعجبني، بالرّغم من الحِكاية التي تقِف ضدّه... واليوم.. أمد يدي إلى هذه الحكاية المعروفة فأقلب مفهومها رأساً على عَقِب.. وأجعلُ منها مسرحيّةً شعريّة لأطفالنا. الصّرصور في هذه المسرحيةِ رمزُ الشاعرِ.. رمز الفنان الذي يَهبُ النَّاس حياته كلها، ولا يحسبُ لغد حساباً. إنه شاعر الحصادِ، وصديقُ الفلاّحين، يضاعِف بغنائه نشاطَهم، ويزيدُ من إنتاجِهم، ويسكُبُ البهجةَ والمرح في نفوسهم.. فإذا الصيف أفراح والحقل كنوز تتدفق... ثم ماذا؟ كيف سَتكُون نهايةُ القصة؟ هذا ما أتركه لهذه المسرحية الغنائية ترويه لكم يا أعزائي الصّغار... وكلّي أمل أن أراكم تُمثّلونها وتُغنونها في مدارِسكُم وبُيوتكم، كما تُمثّلون وتغنّون سائرَ المسرحيّات.