في العام الخامس والثلاثين من الهجرة أستشهد أمير المؤمنين ذو النورين عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه ..
وفد إلى المدينة المفتونون من الخوارج فحاصروا دار عثمان رضي الله عنه ومنعوه الماء حتى تسور عليه الدار بعض أؤلئك المفتونين فكانت النتيجة إستشهاد عثمان بن عفان وكان صائماً فأفطر في جوار ربه مع محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه .
كان الخوارج يريدون خلع عثمان رضي الله تعالى عنه من الخلافة فاختار عثمان أن يبقى في منصب الخلافة ولو أدى ذلك إلى قتله ..
فما الذي جعل عثمان رضي الله تعالى متمسكاً بمنصب الخلافة ؟
أهو حب المنصب ! أم أمر آخر ؟
لا شك أن المناصب الدنيوية لا تعدل عند عثمان رضي الله تعالى عنه جناح بعوضة , ولم يصر على بقائه في الخلافة إلا لعهد عهد به النبي صلى الله عليه وسلم له حين قال له : " يا عثمان إنه لعل الله يقمصك قميصاً فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقاني " ...
حين حاصرته الخوارج منع عثمان رضي الله عنه سفك الدماء لأجله بل قال لعبيده من أغمد سيفه فهو حر فرضي الله عنه وأرضاه لا يريد أن تسفك دماء المسلمين حتى في الدفاع عنه والدفاع عن المظلوم واجب فكيف بالدفاع عن خليفة المسلمين الإمام العادل الذي عطرت سيرته الأفاق , الذي تستحي منه ملائكة الرحمن ؟!
مع ذلك إختار أن لا يقتل بسببه أحد وإن كانت النهاية قتله رضي الله عنه فلا يريد أن يلقى الله تعالى بدم مسلم بل يلقى الله تعالى مظلوماً خير من أن يلقاه حاملاً لدماء المظلومين.
رضي الله عنك يا أمير المؤمنين عثمان بن عفان , رضي الله عنك يا ذا النورين , رضي الله عنك يا من تستحي منك ملائكة الرحمن , رضي الله يا من بايع عنك النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الحديبية , رضي الله عنك يا من قال فيك النبي صلى الله عليه وسلم " ما ضر عثمان ما عمل بعد اليوم " رضي الله عنك يا من نصرت الله ورسوله , رضي الله عنك يا من أنخت راحلتك في الفردوس الأعلى من الجنة , رضي الله عنك يا خير الرجال بعد الأنبياء والشيخين ....
حين نقارن موقف أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه مع ما نراه اليوم من الحكام الظالمين المستبدين نجد العجب العجاب ..
عثمان رضي الله عنه الإمام العادل الحق معه والخروج عليه ظلم وفجور يمنع أن تسفك الدماء في الدفاع عنه ويقدم نفسه على غيره يُقتل هو ولا يُقتل أحد بسببه.
الحكام المستبدون الظالمون يسفكون دماء الأبرياء وتسيل الدماء أنهاراً حتى لوكان في ذلك إبادة كاملة للشعب لا لشيء إلا أنهم طولبوا بالعدل أو بالتنحي من كراسيهم ...
كتبه : سعيد بن صالح الحمدان