و أخيرا ابتسمت سوريا ، بأمرٍ من الله و همسةِ ملاك .
دجا الليل و سجا و راحت فتنةٌ تنخرط في سواده ، تنظر إلى السماء فترى الفتنة في قعرها ، ضعيفةٌ أيتها النجمة .. هل حقا تحاولين إقناعي أنه لا شر هناك ... عذرا يا حبيبتي فإني ألمح من يحاول استراق السمع ، التزم حدودك أيها القلم ففي الأعلى إلهٌ عظيم .
لست أنا من يشعر بهذه الفتنة ، أنا هنا فقط لأنقل أحاسيس أمّ حنون ، أمي و أمكم ... سوريا أم كل سوري .
أنا أحد أبنائها ... طالما كانت تحدثتني و تقول لي : إياك أن تقتل أخاك ، أخاك في الدين ، أخاك في اللغة ، أخاك في الوطن .
تلهمني أمي من إحساسها فأنقله لكم خالصاً دونما تلفيقٍ أو كذب ، هي الآن تجلس وحيدةً تبكي أولادها ، تشتاق لأطفالها الذين ماتوا بإيدي إخوة لهم ، في بكائها أنين ، تإنُّ لأنّ أولادها ما ماتوا و هم يحررون أرضهم ، هم قتلوا في حضنها و بإيدي بعضهم .
هي تحدث نفسها كالمجنونة ، أين هي من دمعة تسكن عينها منذ عقود ، جولانها الذي اقتطعوه من جسدها ... و أين هي من أولاد ما عادوا يكظمون غيظهم .
تعاود الأنةَ فيسمع بكاءها ملائكة السماء ، تقول أمي إن الملائكة يتألمون من أجل أولادها .
و حينها شاء الرب ، يبعث الله أحد ملائكته إلى تلك الأم الرؤوم ، تحكي له سوريا قصة عذابها و فاجعتها ببنيها ، يبكي الملاك و يعود إلى السماء ، يروي قصة عذاب سوريا لكل أهل السماء ، كلهم بكوا و استغفروا و سجدوا لله من أجلها ، يأمر الله فيعود إليها الملاك ثانيةً و معه خبر ، يهمس في أذن سوريا فتبتسم ، ثم ينطلق نوراً يسعى إلى ربه في السماء ............. لا أحد يعلم ما قاله الملاك لأمنا سوريا ، أظنّ أنه انتصار الشعب ، لا بدّ أن ينتصر شعب سوريا .