فن كتابة السيناريو

بضع كلمات قبل أن نبدأ... بوصفي مدرساً في فن كتابة السيناريو، ألتقي منذ سنوات كثيرة كتاب سيناريو طموحين يبحثون عن أساليب فعالة لكتابة قصص جيدة. في غالب الأحيان، يتعثرون بكتب نظرية بأكثر مما ينبغي ولا يبدو أنها تلبي توقعاتهم. هذا ما دفعني إلى تأليف هذا الكتاب الذي قام، من بين أمور أخرى، على تساؤلات أشخاص يرغبون في كتابة السيناريو الأول. بأي شيء نبدأ؟ ما هي الأفخاخ التي ينبغي أن نتجنبها؟ كيف يسير سيناريو جيد؟ هكذا، تم تصميم هذا الكتاب بهدف مرافقتكم في كتابة سيناريو قصة عبر نصائح عملية وعناصر تحليل ولكن أيضاً عبر أمثلة كثيرة ومتنوعة. رغبت في تجنب سرد سلسلة -الأعمال الكلاسيكية التي ينبغي أن يشاهدها المرء في حياته-، لأنني أدرك أن كتاب السيناريو المتمرنين ينالون إلهاماتهم من عوالم متنوعة تبدأ من حوليات إنغمار برغمان الحميمية وصولاً إلى الجذل السردي لكوينتن تارانتينو مروراً بالقريحة الكوميدية لفرنسيس فيبر أو بن ستيلر. كان من أهدافي إذن أن أجعل من هذا الكتاب نزهة تسمح لعشاق السينما بالعثور على نقاط في عالم السينما الخاص بهم، فكما أرى، لا يوجد فيلم أو نوع سينمائي يفلت من قواعد كتابة السيناريو الأساسية. وهكذا، فإن هذا الكتاب يتوجه أيضاً إلى الأشخاص الذين يرغبون، ببساطة، وخارج أية رغبة مبهمة بالكتابة، بتعلم تحليل وظائف السيناريو وأن يشرحوا كيفية عمله ووظائفه الرئيسية. تستند كتابة السيناريو في الواقع إلى قواعد شديدة الدقة ينبغي على كتاب السيناريو الشباب الالتزام بها تحت طائلة أن يجدوا أنفسهم مطرودين بسبب جهلهم بالقوانين. وهكذا، بدءاً بفكرة الفيلم ووصولاً إلى الاستمرارية الحوارية، سيرافقك هذا الكتاب في تطوير قصتك شيئاً فشيئاً وفي إماطة اللثام عن تعقيداتها وكل ذلك لهدف واحد: أن تلامس مشاعر قارئك بطريقة أو بأخرى وأن تسترعي اهتمامه. وهكذا، سنبدأ بشرح وتحليل كل خطوة من الخطوات الضرورية لوضع سيناريو ذي معنى. ثم سنلقي الضوء على المبادئ الكبرى التي ستسمح لك ببناء قصتك: إن خيارات بطل الرواية والغريم، وتحديد الشخصيات الثانوية، وتعريف الأهداف، ووضع العراقيل هي كلها تشكل المسار الذي يسمح ببناء حبكة تثير اهتمامنا. بيد أن حبكة شديدة الإتقان لا تدعمها شخصيات مثيرة تنذر بجعل المتفرج بارداً. فقصتك ينبغي أن تحملها إذن شخصيات قوية تخاطب المتفرج، والقارئ على حد سواء، بحقيقتها وتماسكها. وهكذا، سندرس في فصل مستقل التقنيات والأساليب المختلفة التي ستسمح لك ببث روح الحياة في شخصيات تحمل أبعاداً متعددة عبر بناء محيطها الأسري والاجتماعي والثقافي باستخدام بطاقة الشخصية. وأخيراً، يتطلب تقديم قصة تحبس الأنفاس وتحملها شخصيات حية إلى الشاشة تقنية شديدة الخصوصية تختص بها السينما: إنها اللحظة التي تتعلم فيها كيف تشكل بنية فيلمك. يقتضي بناء الحبكة الالتزام بقواعد شديدة الدقة سندرسها بعناية. سنحاول أن نفهم كيف يبقي كتاب السيناريو المتفرج في حالة تشويق على مدى ما يقارب الساعتين، خصوصاً من خلال بنية السيناريو ثلاثية الفصول: العرض التمهيدي، التطوير وحل العقدة. ستجدون في الملحق لوحة أدوات إضافية ترافقكم أثناء الكتابة وتساعدكم على استخدام الكتاب هذا على أفضل وجه: لائحة بالأسئلة التي يطرحها المرء على نفسه ونصائح صغيرة ينبغي اتباعها في كل خطوة من خطوات الكتابة وثبت بالمصطلحات وبالأفلام. لا توجد بطبيعة الحال وصفات سحرية لكتابة سيناريو جيد، ولكنني آمل عبر هذا الكتاب أن تجدوا الأساليب ومنصات العمل والنصائح الكفيلة بجعلكم تشرعون في الكتابة إذا وجدتم في أنفسكم الإلهام.