(ما أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ )
وهو اتهام لا حبكة فيه ولا براعة , وأسلوب من لايجد إلا الشتمة الغليظة يقولها بلا تمهيد ولا برهان ,
ونلمحها في الطريقة التي يرد الله بها عليهم فريتهم ردا يناسب حالهم:(ما أنت بنعمة ربك بمجنون . وإن لك لأجرا غير ممنون . وإنك لعلى خلق عظيم . فستبصر ويبصرون . بأيكم المفتون). . وكذلك في التهديد المكشوف العنيف:(فذرني ومن يكذب بهذا الحديث . سنستدرجهم من حيث لا يعلمون . وأملي لهم إن كيدي متين). .
وإن العجب ليأخذ كل دارس لسيرة الرسول [ ص ] في قومه , من قولتهم هذه عنه , وهم الذين علموا منه رجاحة العقل حتى حكموه بينهم في رفع الحجر الأسود قبل النبوة بأعوام كثيرة . وهم الذين لقبوه بالأمين , إن الإنسان ليأخذه العجب أن يبلغ الغيظ بالناس إلى الحد الذي يدفع الحاقدين إلى أن يقولوا هذه القولة وغيرها عن هذا الإنسان الرفيع الكريم , المشهور بينهم برجاحة العقل وبالخلق القويم . ولكن الحقد يعمي ويصم , والغرض يقذف بالفرية دون تحرج !
(ما أنت بنعمة ربك بمجنون). . هكذا فيه عطف وفيه تكريم , ردا على ذلك الحقد الكافر , وهذا الافتراء الذميم .
كذب وافترى من وصفك بالجنون وقد ملأت الأرض حكمة والدنيا رشدا والعالم عدلا.