حدثني أحد الأطباء .. قال :
دخلت إلى غرفة العناية المركزة في المستشفى ، ولفت انتباهي شاب في الخامسة والعشرين من عمره مصاب بمرض ( الإيدز ) .. حالته خطرة جداً ..
كلمته برفق فأجاب بكلمات غير مفهومة .. اتصلت بأهله .. فحضرت أمه ..
سألتها عن حال ابنها ..؟
فقالت : كان حاله على ما يرام ، حتى تعرف على تلك الفتاة ..
قلت : هل كان يصلي ؟
قالت : لا .. لكنه كان ينوي أن يتوب ويحج في آخر عمره ( !! ) ..
اقتربتُ من الفتى المسكين .. فإذا هو يعالج سكرات الموت ..
اقتربت من أذنه وقلت : لا إله إلا الله .. قل : لا إله إلا الله ..
بدأ يفيق وينظر إليّ .. المسكين يحاول بكلّ جوارحه .. الدموع تسيل من عينيه .. وجهـه يتغير إلى السـواد ..
وأنا أردد .. قل : لا إله إلا الله ..
بـدأ يتكلـم بصوت متقطع : آه .. آه .. ألم شديد .. آه .. أريد مسكناً للألم .. آه .. آه ..
بدأت أدافع عبراتي وأقول : قل : لا إله إلا الله ..
بدأ يحرك شفتيه بصعوبة .. فرحت .. سينطقها الآن .. لكنه قال :
لا أستطيع .. لا أستطيع .. أريد صديقتي .. لا أستطيع ..
الأم تنظر وتبكي .. النبض يتناقص .. يتلاشى .. لم أتمالك نفسي .. أخذت أبكي بحرقة ..
أمسكت بيده .. عاودت المحاولة : أرجوك قل لا إله إلا الله ..
وهو يردد : .. لا أستطيع .. لا أستطيع .. ثم بدأ يشهق .. ويشهق ..
توقّف النبض .. انقلب وجه الفتى أسوداً .. ثم مات .. انهارت الأم .. وارتمت على صدره .. تصرخ .. وتصرخ ..
وأنى ينفعه صراخها .. أو حزنها ونحيبها ..
نعم ..
قد مضى الفتى إلى ربه .. لم تنفعه شهواته .. ولا ملذاته .. طالما اغتر بشبابه .. وجمال سيارته وثيابه .. ثم هو اليوم تجالسه في قبره أعماله .. وتحيط به أفعاله .. ما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون ..
ملتقى طلاب الجامعة... منتدى غير رسمي يهتم بطلاب جامعة دمشق وبهم يرتقي...
جميع الأفكار والآراء المطروحة في هذا الموقع تعبر عن كتّابها فقط مما يعفي الإدارة من أية مسؤولية WwW.Jamaa.Net