رد مشاركة : همسات على جدران الزمن .................. (عطر)
لا
تسألني الحب يا سيدي
فأنا
لم أعد أملك قلباً يقوى على الحب
لا
أملك سوى حقيقة أنّي أجرّ أنفاسي كلّ صباح
لأستقبلَ
يوماً جديدا آخر
كعادتي
أول رائحة أستنشقها مع أولى نفحات الصباح
هي
رائحة البنّ المعتق ..أعِدُّ القهوة الساخنة
وبعينيَّ
الرماديتين أراقب أمواج البخار المتصاعدة
من فنجان
قهوتي ..فيسرح فكري إلى البعيدْ
ودائماً
ما يعود بي مظهر تلاشي مكعبات السكر
إلى
أحلامي الوردية التي تلاشت أمامي رويداً رويدْ
يشتد
حول عنقي عقد أسود قاتم مثقّل بالهموم
أنا
لا أراه ..!! لكنني أختنق به مع كل شهيق و زفيرْ
كعادتي
أخطو نحو نافذتي التي تطلّ على الحي الدمشقيّ القديم
حي
الياسمين والسفرجل ..حي الطفولة
الذي
احتضن أجمل صداقات عمري القصير
نافذتي
الصغيرة تطلّ على حديقة علّمتني كلّ دروس الحب
من
التعارف إلى الفراق .. من اللمسة الأولى ..إلى القبلة الأولى
إلى
العناق.. ثم العتاب.. فالوداع ..فحنين المقعد الخشبي للعشاق
وما
زلت ألمحُ مقعدي هناك ..اكتسى بالغبار ..
مع
فتات الوردة الجورية الحمراء
وطيفي
ما زال جالساً عليه ..وحيداً ..بارداً ..
يلتحف
بظلّ السماء
نافذتي
يتسلّل منها المطر خلسةً ليدعوني إلى الرقص معه
وينقر
لي على خشبها أعذب نغمات الإغراء
بأسفٍ
أردّه وقد اعتلته ملامحُ الخيبة
لكنّه
يعلم ما أصاب القلب
فيعذرني
ويغادر دون مِراء
نافذتي
كلّما أتيتُها أحسستها مرآة لروحي
ربما
بسبب تلك اليمامة الحزينة التي تنتظرني
على
شرفتها كلّ صباح ..لتناجيني وأناجيها
وأسقيها
شربة من الماء أطفِأ ظمأها فيها
وتدعو
لي بأن يُطفَأ ظمأ قلبي أنا الأخرى
وتردّد
دوماً : لا تيأسي فمُبتلي النفس يشفيها
تلك
اليمامة ليست مجرد يمامة
ليست
مجرد عصفورة أو حمامة ..
لكن
كأنما هي الكوّة التي أطلّ منها على
مشارف قلبي..لأستمعَ سيمفونيات الأنينْ
ونجوى
القلب المتيّم الحزينْ
كعادتي
أرسم قلبي المتكسّر على زجاج النافذة
وأسدل
شعري الطويل على ظهري النحيلْ
أتركه
طلقاً لتتخلّله النسمات المحمّلة بقطرات الندى
وتُحيي
فيه اللون الأسود الكحيلْ
ثم أعود
وآخذ قلمي وأوراقي
ألملمُ
كلماتي المبعثرة بين أبجديات الحزن
حريصة
ألا أضيع ألماً أو دموعاً أو آهات
وأمضي
بخطى متثاقلة
عابرة
سبيل في هذه الحياة