الطب في الحضارة العربية الإسلامية
يعرِّف ابن سينا الطب بقوله : (( هو علم يتعرف منه أحوال بدن الإنسان من جهة ما يصح ويزول من الصحة , ليحفظ الصحة حاصلة ويستردها زائلة )) , وقد قسمه إلى فرعين , علم أصول الطب وعلم مباشرته (الجراحة ) .
يمكن تقسيم العلوم الطبية في الحضارة العربية الإسلامية إلى مرحلتين :
1ً المرحلة الأولى : تمتد منذ ظهور الإسلام وحتى نهاية الدولة الأموية : بالرغم من إن الاهتمام في هذه المرحلة كان مركزاً على العلوم الدينية واللغوية, فقد ظهر نوع من التطور الطبي لأسباب عدة منها :
• لكون الطب حاجة وضرورة إنسانية لا يمكن الاستغناء عنها .
• حث الدين على التداوي . وتأكيده على أهمية الصحة
• وجود أسس للطب في الجزيرة العربية , ونبوغ بعض الأطباء كالحارث بن كلدة الثقفي .
2ً المرحلة الثانية : مرحلة الترجمة والنقل : بدأت منذ بداية الدولة العباسية : تميزت هذه المرحلة بتبني الدولة للحركة العلمية خاصةً في عهدي هارون الرشيد وأبنه المأمون , فترجمت كتب الطب اليونانية إلى العربية بأمانة , وصححت مما كان يشوبها من أخطاء , ثم تحول علماء هذه المرحلة من الترجمة إلى التأليف .
يقول فون ناتسهايم (( لقد برع العرب في علم الشفاء إلى حد أعتقد المرء فيه أنهم مؤسسو هذا الفن , وقد كان بإمكانهم أن يدعوا ذلك بسهولة لو أنهم لم يكثروا من أيراد الأسماء اللاتينية واليونانية )) .
بعض إسهامات العرب الطبية
الزهراوي : (963 – 1013م) الذي يعتبر مؤلفه (( التصريف لمن عجز عن التأليف )) المرجع الأول في الجراحة
أبن سينا : ( 980 / 1037م ) و يعتبر مؤلفه (( القانون )) من أهم مراجع الطب حتى اليوم
أبو بكر الرازي : 864 -924م الذي عرف بغزارة مؤلفاته , وبأتباعه الطريقة العلمية البحتة في تأليفه , وبنزاهته العلمية حيث كان ينسب كل مقولة إلى قائلها
أما فيما يتعلق بالتشريع فقد وضع يوحنا بن ماسويه المتطبب شروطا" للطبيب في كتابه ”محنة الطبيب“.
وأفاض علي بن العباس بضرورة المحافظة على شرف المهنة كما أوصى الطبيب بضرورة المعالجة بإخلاص .
في خلافة المقتدر العباسي عام ( 319هـ/931 م ) أنشأ الخليفة غرفة للأطباء، وعين سنان بن ثابت رئيسا" لها وأمره أن يمتحن كل طبيب على حدة ولم يأذن الخليفة لأحد منهم بممارسة الطب إلا بعد أن يمتحنه سنان .
إن أعظم ما قدمته الحضارة العربية للبشرية في ميدان الطب هو المستشفيات على اختلاف أنواعها , وبهذا الصدد تقول المستشرقة الألمانية زيجريد هونكة : (( إنَّ كل مستشفى , مع ما فيه من ترتيبات ومختبر , وكل صيدلية ومستودع أدوية في أيامنا هذه , أنما هي في حقيقة الأمر , نصب تذكاري للعبقرية العربية , كما أن كل حبة من حبوب الدواء , مذهَّبة أو مسكَّرة , إنما هي كذلك تذكار ظاهر , يذكرنا باثنين من أعظم أطباء العرب ( أبن سينا والرازي ) , ومعلمي بلاد الغرب )) .