لماذا يفوت شبابنا بالحيط ؟
عندما نغلف مشاكلنا النفسية ونختبئ وراء العبارات
(شخص يقفز من وراء الطاولة ويستقبل آخر بالصراخ ..ومن ثم يجلس في الزاوية ويبدأ بالبكاء والنحيب نادما على تفاصيل حياته الماضية...واخيرا يبدا بالضحك الهستيري راكضا نحوالزائر ..ممايدفع الآخير للهروب منه وعند الباب يلتقي بأشخاص غريبي الاطوار والاشكال فيدفعهم عنه ويهرب....))كنت مع أكثر المشاهد الكوميدية تكرارا في المسلسلات العربية التي تمثل صورة الطبيب النفسي !!!
(ولسه منسأل ليش الناس بتخلط بين المرض النفسي والمرض العقلي (اي الجنان)؟!!!)
عم خانق دبان وشي
بعيدا عن تسميات سارتر وتحليلات فرويد وغيرهم...واستمراراً لتقاليدنا في دفن رأسنا بالتراب..ابتدعنا مصطلحات خاصة تعبّر عن مشاكلنا وأمراضنا النفسية بشكل يخرجنا من دائرة المرض النفسي خوفاً من أن نصبح مجانين في نظر بعضنا البعض (بما أنو ماحدا أحسن من حدا) ....فكانت المصطلحات تشبهنا وتبعد عنا الشبهات في الوقت ذاته(شلون...شفتولي هالذكاء)..
فعلى سبيل المثال من أهم الأمراض النفسية شيوعاً في سورية حبيبتي (التي واعدتني أنا والشباب الطيبة أن تعيد لي كرامتي ..) ..هو ما يطلق عليه الشباب (عم خانق دبان وشي) وهو كناية عن أن الشخص يتشاجر مع أي أحد ولأي سبب...ومن هنا انطلقت تسميات أخرى لهذا الذي يقاتل ذباب وجهه فهو ذاته : العصبي ..النزق، وهو من يقال عنه (نار وشاعلة) :أي إنه كالنار يلتهم من حوله (كناية عن شدة غضبه) وهو أيضاً تبع(موطايق حدا يقلي مرحبا) والجدير بالذكرهنا بالتحديد أن المرحبا أتت كناية عن أي كلمة أو مفردة قد يتلفظ بها هذا الحدا ..(حتى ماتتورط...ها) وهو ما قد يصفه آخرون أنه (بظ عقله وطلع جنانه) ...كل هذا مقبول اجتماعياً ..المهم ان لانقول أن العصبية مرض نفسي قابل للعلاج عند الطبيب النفسي (وهو المحظووور) !!!
موقدران شوف حدا
(ومو طايق اسمع حدا)..تختلف بشكل كلي عن( موطايق شوف حدا) ..فالأخيرة تحمل حالة نفسية أخرى ..(اسالوني ليش؟!!....انتوا عيني) لأن الأخيرة تعني أني غير قادرة على رؤية الآخرين أو التواصل معهم، وليس لدي رغبة بالثرثرة (يعني وباختصار مكتئب..أي نعم هذا الاكتئاب وبأم عينه ...والله) لأن الثرثرة تحديداً طبيعة بشرية سورية لاتفارقنا حتى نفارق الحياة..... والتخلي الإرادي عنها يشيرإلى حالة مرضية وخطيرة كمان، فالشباب السوري يتواصل ويثرثر على طاولات الوظيفة, وفي الجامعة وحصراً اثناء المحاضرة...و...و...وحتى في السرفيس وباصات النقل الداخلي، خذو مثلاً هذا الحوار:
الراكبة الأولى : لوسمحتي ..واحد (وتبتسم)
الراكبة الثانية :(تفهم عليها وتأخذ منها الخمسة وتناولها للسائق )و(تبتسم)
الراكبة الاولى تنظر وتبتسم للمرة العشرين
الراكبة الثانية تتفحصها وتتبتسم للمرة العشرين جهراً والخمسين باطناً..
الراكبة الأولى:شوشايفتك حاملة كتب .حضرتك طالبة؟
ومن( هالسؤال الذكي يبدا التواصل
وهييييك حتى يصلوا لآخر موقف..و بكونوا اخدوا أرقام بعضون وعرفوا أفراح واتراح واسرار بعضون وبعض جيرانون كمان).
فايت بالحيط
شعور طبيعي ونبيل لكل مواطن مخلص عفيف يتمتع بالجنسية السورية (ولالي لالي لالي..)
وفايت بالحيط .. بعلم النفس تعني( فقدان الاتزان النفسي...الاضطراب مع رشة ارتباك)
وهذا الشعور يعيشه الشاب عندنا (بالميتة بالميتة شي 100 مرة باليوم) ومع مرور الوقت باتت الفوتة بالحيط سببا ومنطقاً وجيهاً نبرر به نحن الشباب (خبصاتنا) أي سلوكياتنا غير الصائبة..
سؤال طبيعي: ليش هيك قلتله ؟!
جواب منطقي: اي شو بعرفني فت بالحيط .
سؤال تاني من حدا تاني: شلون هيك بتعمل؟!!
جواب آخر من حدا آخر: اي والله مابعرف فوتني بالحيط يازلمة.
((اي والله يعين هالحيط شوبدو يسع ليسع.......إييي بيييسع!!!)).
مهدود حيلي
(إنه الخمول) .....وهو ناتج عن شي وليس من لاشيء..(تحليل نفسي خطير والله)
والخمول حسب مصطلحاتنا نوعان :
إما أن يكون مقصوداً، وهذا مانسميه نحن الشباب (التنبلة ..أو قلة المروة ...أو مروتوه غالية عليه)..
والنوع الثاني ياحبيباتي هو الخمول غير المقصود والذي نسميه (مهدود حيله ...ماله مروة ...موقدران يسند طوله...)
وحسب وجهة نظر الطب النفسي كلاهما مرض نفسي قابل للعلاج..(إذا لم يكن للنوع الثاني اسبابه الاخرى)
أما حسب وجهة نظرالمجتمع: فالنوع الأول :(طبيعة التنبل وغلاظة وسماجة وطيلسة منه)
أما النوع الثاني فهو مرض ولكن جسدي وعلاجه كاسة ليمون أو كاسة فوار(بتنفضه نفض) لأنه علائم كريب مو أكتر..وبلاها هالفزلكة... أو بجوز آكل ضربة شمس..حتعملوا مجنون للزلمة!!هيك علموكون بالمدارس..هي الشهادات مو؟ والله خربت عقولكون والله).
آكل مقلب بحاله
الشخص المغرور ..هو شخص مريض فعلياً ..ولكن لاهو يعترف بذلك، ولانحن ننظر إليه كذلك...
(فالمغرور يلي آكل مقلب بحالو ..يلي على شو رافع مناخيرو...يلي يقطع عمره شومعنطز...يلي متل البالون منفوخ عالفاضي...)
المسبوق الذكر من وجهة نظره الخاصة ( أنه مهم ومثقف ولا أحد يفهم عليه، وطموحه أكبر من هنا.. ولايرى شيئاً جميلاً ولا ظريفاً ولامهماً وجميع الناس تافهين ...)
(عنجد هيك حدا بينزعل عليه مابينزعل منه.. مابيكفي فاقدر القدرة على الاستمتاع ....
وهيك حدا بدو علاج أي جد عم بحكي.. شو إذا كريزي مامنحكي جد)
شوية حنية
عندما نزور طبيباً نفسياً .... ونتمدد على الشنزيون...
ونبدأ بالحكي..ونفرغ طاقة البكي والضحك والتعصيب...
لما منتخيل ناس منكرهون على اللوح، ومنصير منشخبط وجوهن بقوة حتى نخزق الورق...
ولما منصرخ ومنقول شومنحب وشومنكره من دون مانخاف من عادات وتقاليد وسياسة وأخلاق ودين..
لمامنحكي ومنفضض ...بدون ماحدا يقلنا اسكتوا او خلص...
ولمابتهدى هالزوبعة كلها بلمسة صغيرة بس على كتفنا من الطبيب... بلحظتها منعرف شو يلي كان ناقصنا ... لما منكتشف إنو نحن بحاجة بس لشوية حنية ...
شوية حنية من موظف الجمارك يلي بيستقبلنا من على الحدود بعد سورية ترحب بكم...
شوية حنية من كرسون المطعم يلي ماعطيناه بخشيش...
شوية حنية من أستاذ المدرسة ومن العريف يلي حطوا ليفسد علينا إذا تنفسنا...
شوية حنية بالمحاكم ...ومن القضاة والمحامي ومعقبي المعاملات....ومن القانون.
شوية حنية من أبي وأبوك ..وأبوها... وأبونا...
شوية حنية من الراشي ومن المرتشي...
شوية حنية بتعطونا ياها حتى نفهم شوهي بس....
شوية حنية لنلون هالقهر يلي جواتنا..بلكي منتقبله..
شوية حنية لنعرف نحب..حاجتنا تطبيق وتلطيش وزعرنة
شوية حنية لنقدر نبتسم من كل قلبنا...
شوية حنية لنشبع مرة بالاسبوع ..ونقدر ننام...
شوية حنية لتضخ الحيوية باحلامنا من جديد...
شوية حنية..مشان الله.... وخدوا حقها متل الكهربا والمي والأكل والمواصلات ....
شوية حنية..لنرقص وندبك من الفرح مو من الألم....
شوية حنية ... من هون من جواة بلدنا لانو ماحنقدر نلاقيها براة هالحدود ونحن بنظر أي بلد أجانب وغير مواطنين.....
شوية حنية ..لأنو تعبنا من هالغربة القاسية فوق تراب بلدنا يلي عم نوهم حالنا بانه بينعشق...
شوية حنية....موكتيرة على شباب بدها تبني بسواعدها وبدها تعمر وألف أمنية عليها وباسمها..
شوية حنية ماحتقلل من ملاينكون وسياراتكون وبيوتكون واراضيكون شي..بس بتغنينا كتيييير...
شوية حنية ....مشانكون ..مشان ماتطقطق قلبكون من القساوة...وبعدين نحن ناكلها..
شوية حنية...لوجه الله تعالى.... شوية حنية على أرواح أمواتكم يلي يمكن ماعرفوا الحنية...
شوية حنية....هي هي... شوية حنية...
منقول عن مجلة شباب ليك