بعد مرور ما يقارب السنة و نيف على اندلاع الثورة السورية المباركة...تعالت الأصوات و منذ الوهلة الأولى... منادية بالتدخل الخارجي على غرار السيناريو الليبي...و ضرب مواقع جنود الأسد....لكن العالم اكتفى بالمشاهدة فقط ... لا بل تواطئ في كثير من الأحيان مع النظام ...لأن القوى الكبرى تدرك مدى قوة الشعب السوري و صموده في وجه آلة الدمار الأسدية و حلفائها....إذن الوضع ملائم لترك الشعب ينهك... ويدمر حتى تكون جبهة الصهاينة في مأمن .... حتى و إن تم التدخل تحت الغطاء الدولي سيكون بعد إدراك " الاسرة الدولية" أن النظام على حافة السقوط فتتدخل و "تدفشه الدفشة الأخيرة" ليحسب لها أنها تدخلت ....السوريون يعلمون هذا جيدا ...فلا يعولوا على الذين يحاولون ركوب الموجة..التدخل الخارجي يفقد مصداقيته مع مرور الأيام....إلا إذا كان عربيا فهذا بحث آخر.....و طائفة أخرى من الحكومات التزمت الصمت منذ أول بوادر الثورة...لأنها تعلم أنها إذا تبنت موقفا لا يعجب النظام السوري فإنه سيفضح ما ارتكبته من جرائم في السابق.....مما سيفتح "صندوق الشر" و يضعها وجها لوجه أمام الشعب... 

قبل سنة من الآن عندما كنا نتكلم عن دعم اسرائيل لنظام بشار  الاسد كان البعض وحتى من المعارضين يعتبر هذا الرأي مغالاة ومبالغة في الواقع...

بكل بساطة...بعد سنة وقليل من بدء " المجازر " واقتحام الجيش للمدن والتنكيل والفظاعات التي قل أن عاشت البشرية نظيراً لها....لو أرادت أميركا ومعسكرها الغربي التدخل في سوريا لكان أمامها عشرات الذرائع..ولكنها لم تتدخل ولن تتدخل كرمى لعيون اسرائيل...خمسة عشر شهراً ولم أجد سبباً آخر غير هذا السبب

ومن يظن أن فيتو روسيا في مجلس الأمن هو العائق أمام الولايات المتحدة فهو لم يتابع ولم يسمع بحرب العراق !

أما أمام الرأي العام الداخلي في تلك البلدان فاختبئت أميركا خلف ذرائع وهمية لكي تببر لشعوبها تقاعسها أما المذابح وهي الدولة الأقوى في العالم.

فاولاً اختبئت خلف حجة سخيفة أسمتها " تشتت المعارضة السورية "... وهي أسمج نكتة في القرن الواحد والعشرين...
ولمن لا يعلم فالمعارضة السورية الحالية منظمة ومتفقة أكثر بعشرات المرات مما كانت عليه المعارضة العراقية أواخر زمن صدام حسين ... وهي المعارضة التي أغدقت عليها الولايات المتحدة المليارات من الدولارات وأغرقتها بالمستشارين حتى صنعت منها دمية بين ايديها وأوصلتها للحكم
بحرب كانت وصمة عار في تاريخ المجتمع الدولي " الخائن "..

ومن ناحية أخرى فإن الجيش السوري الحر هو كيان عسكري أكثر تنظيماً وأكثر وضوحاً وأكثر قوة من الثوار الليبيين الذين أمطرهم الناتو وأميركا بالأسلحة من المظلات وسخر لهم القوى الأكبر في العالم لتعدمهم في طريقهم للخلاص من القذافي...في حين أن الجيش الحر السوري يقاتل ببندقيات قد تصلح للصيد وقد لا تصلح إلا القليلي النذر الذي يتم تهريبه من تركيا..وهو ما لا يكفي لكتيبة أو اثنتين

لكن ظل تشتت المعارضة السورية كذبة تختبئ بها الدول الغربية لتبرر استمرار المجازر من قبل النظام السوري العميل لها..

حجة أخرى لهم كانت الفيتو الروسي الصيني..أو بمعنى آخر لعبة تبادل القبعات بين المعسكر الغربي والمعسكر الروسي الذي لم يعد بعد 1991 معسكراً بالأساس لكنه " ضبع " يستغل غياب الأسد الأميركي عن الساحة ليظهر ويتفتل وينفش ريشه ويبدي قوته على بعض الأقزام..وما إن يلعب الأميركي بكامل أوراقه وثقله حتى تعود روسيا إلى حجمها ودورها الطبيعي..
ببساطة تستطيع الولايات المتحدة بيومين قلب المزج الروسي وتغيير موقفه بشكل جذري ليظهر بوتين ويدعو الأسد بل ويسعى بكل الطرق إلى تنحيه..لكن الدور الذي تلعبه روسيا يشكل ساتر تختبئ أيضاً خلفه الولايات المتحدة...ويفتح المجال لروسيا لاستعراض قوتها العسكرية وبيع أسلحتها..الجديد منها والكاسد بمليارات الدولاات تدفع من دم وقوت الشعب السوري..والكل مستفيد والشعب يذبح..والسبيل هو بقاء بشار في الحكم

آخر ما كان المجتمع الدولي يختبئ خلفه هو خطة كوفي عنان..التي ولد ميتة..والمراقبون الذين جاؤوا " لحماية " الشعب السوري فاحتموا هم أنفسهم عند أحد الكتائب في خان شيخون من قصف الجيش السوري..
المراقبون الذين يشاهدون ويحصون يومياً الخروقات لخطة كوفي عنان التي كبر الخرق فيها " جداً " على الراتق والتي ما تم تنفيد ولا يوجد نية لتنفيذ بند واحد فقط منها وهو وقف العنف بل ازداد العنف تحت مرأى روبرت مود ومسمع كوفي عنان وانتهى الأمر بتجميد عمل المراقبين خوفاً عليهم من العنف..وماا من مجيب..

الخلاصة أن المجتمع الدولي لا يريد في الوقت الحالي التدخل في سوريا وترك الشعب السوري ليقلع شوكه بيديه حتى يحين الوقت الذي يدور في خلد مخططي السياسة الأميريكية ليكون لهم نصيب الأسد من الثورة السورية..وهذا ما لن يكون

ولو أخذا لمحة بسيطة عن الدخل من الجهة الأخرى...التدخل الأجنبي الذي يستجلبه النظام لنا...

أقذره التدخل الايراني...وهو تدخل إثني طائفي لأهداف سياسية..هذا ما لايمكن نكرانه....قتل قناص ايريني على بعد مئات الأمتار عن منزلي..وتطابقت شهادات عشرات الشهود إضافة لوثائق مسربة عن النظام السوري وجود قوى إيرانية على الأرض السورية دخلت بعلم النظام لتساهم في قمع الشعب...بل ذبحه .... وايران تغري بعض الشباب بأوهام طائفية ووعود دينية وتحمسهم مذهبياً لخدمة أهداف سياسية بحتة ثم يتم ارسالهم إلى سوريا للتنكيل بالأطفال كما في الحولة والقبير أو لعمل الفظائع ضد النشطاء داخل المعتقلات..والحديث عن ايران يعني قوات من الحرس الثوري وقوات من حزب اللات في لبنان ومن ميلشيات المهدي في العراق..
ولا يقل قذارة عن الدور الايراني هو الدور الذي تلعبه روسيا في سوريا..فالطريق البحري بين روسيا وطرطوس يغص بالبوارج والبواخر التي تنقل أسلحة بمليارات اقتعطت من دم الشعب السوري وعرقه على مدى أربعين سنة لتتحول إلى أسلحة تصب في صدر هذا الشعب مرة أخرى...روسيا تتدخل بالسلاح والمستشارين العسكريين وتراقب عن كثب وضع الجيش النظامي  عن طريق ضباط متواجدين ضمن صفوف الجيش...إضافة لقوات روسية برية من فرق البحرية الروسية هم الآن متواجدين في الأراضي السوري بحجة حماية مصالح روسيا.. والأخطر هو الكلام عن مناورة عسكرية روسية صينية ايرانية على الأراضي السورية ورغم نفي بثينة شعبان للخبر لكن لا يمكننا تصديق المرأة المسؤولة عن كللل ما يبث في الاعلام السوري .. الاعلام الأكذب في العالم....خصوصاً وأن الخبر تم تأكيده من قبل وكالة فارس الايرانية شبه الرسمية...والمناورة ب 91 ألف جندي على الأرض ما هي إلا مرادف آخر لكلمة " احتلال " فسوريا بهذه المناورة إضافة لجنود وضباط البحرية الروسية في طرطوس تحولت إلى بلد محتل بكلل ما تحمله الكلمة من معاني...

هذا هو التدخل الخارجي الحقيقي الحاصل في سوريا...ولا يوجد على الأرض وبعيداً عن كذب السياسية ما ينفي ذلك...

فقط هم يوقفوا التدخل الخارجي و نحن قادرين على تحرير بلدنا

بصراحة بعد التجربة الليبية .. لم أعد أؤمن بنجاعة التدخل العسكري الأجنبي ... وخصوصاً أننا نعلم أن هؤلاء هم أعداء لنا منذ قرون .. فكيف سيصبحون (بين ليلة وضحاها) المخلّصون لنا من الأنظمة التي زرعوها في منطقتنا ؟؟

و الله إن حكوماتنا العربية لا هم لها إلا حساب مداخيل النفط .....و التجسس على بعضها البعض....و قمع الحريات.....و إظهار العنتريات فيما بينها .....أما الغرب......فحكوماته منافقة و متسلقة...لا تتدخل لسواد عيون السوريين أو العرب إنما بدافع منفعي واقعي براغماتي........أما بالنسبة للقدرات العسكرية للجيش الحر فقد كفى ووفى .....الله ينصره..