الفيديو اختراع ارضي .... هل يوجد ما يقابله في الكون ؟

في عصرنا الحديث تعودنا على تسجيل أفلامنا المفضلة وذكرياتنا لنعود ونشاهدها مرارا وتكرارا . .. والسؤال هل يمكن إعادة تشغيل الأحداث الفلكية في علوم الفضاء والفلك ؟؟ بسرعة سنقول لا ... ومع التروي ...ربما يمكننا ذلك .......
لنعد إلى عام 1837، عندما حدث "الثوران الكبير" أو ما يدعى انفجار هائل للنجم إيتا كارينا، لقد كان هذا الانفجار من القوة بحيث كان يمكن ملاحظتها في السماء الجنوبية ليلا لمدة تقارب 21 عاما بشكل جميل جداً وكأنه الشفق القطبي ولكن بشكل أضيق وأكثر لمعانا، هذا الحدث الفريد ولأنه فريد سارع العديد من المهتمين سواء علماء أو فنانين أو مؤرخين إلى متابعته أول بأول، إلا أن شيء واحد لم يكن ليحدث هو دراسة هذا الانفجار بالأجهزة العلمية الحديثة الضخمة والقيام بما يمكننا الأن القيام به .
هذا النجم المزدوج الكبير قام بما هو أعظم من الانفجار نفسه ! ! لقد خزن معطيات الانفجار وطاقته وشدته في السحابة الغبارية المحيطة به وأعاد بثها إلى الفضاء، فبعد أكثر من ١٧٠ عام ...عاد تأثير هذا الانفجار الكبير يصل إلينا عبر ظاهرة تعرف بصدى الضوء ( وهو عبارة عن اشعاعات ليزرية ناتجة عن امتصاص هذا الغلاف الغباري للضوء وإعادة إصداره في وقت لاحق بنفس التردد وطول الموجة ولكن بشكل مضخم وأقوى وطبعا يصل للأرض بقدر أقل نسبيا من شدة ضوء الانفجار الأساسي الذي يصل لها) ...وهكذا لقد استطاع علماء الفلك إعادة تشغيل حدث فلكي، وبسبب بعد هذا النجم عنا فقد أخذ إعادة التشغيل ١٧ عقد فقد لنشاهده من جديد ...
يقول قائد الدراسة الدكتور ارمين المدرس في معهد علوم الفضاء في بالتيمور بولاية ميريلاند " عندما كانوا ينظرون إلى الانفجار من على الأرض قبل 170 سنة، لم يكن هناك كاميرات قادرة على تسجيل هذا الحدث , كل ما يعرفه علماءالفلك اليوم عن ثورة إيتا كارينا هو من روايات شهود العيان والوثائق المكتوبة والمؤرخة للحدث لكن بشكل غير علمي . اليوم وكأن الطبيعة احتفظت بشريط مسجل عن هذه الثورة النجمية في مكان ما وراء الطبيعة وما علينا إلا أن نجلس ونتابع مجريات الأحداث بتتابعها عاما بعد عام ونرى كيف تغير نشاط ثورة النجم ".
يعتبر نظام إيتا كارينا من النجوم المزدوجة الألمع والأكبر في مجرتنا وهي على بعد قريب نسبيا ٧٥٠٠ سنة ضوئية من الارض، وخلال فترة ثورة النجم خسر هذا النظام ما يعادل كتلة شمسنا كل ٢٠ عام أي كأنه يصدر كامل طاقة شمسنا التي تطلقها خلال ١٠ مليون عام ، ولكن فقط بــ٢٠ عام لذلك تحول هذا النجم في تلك الفترة إلى ثاني ألمع نجم في السماء وخلال ذلك الوقت تشكل السديم المعروف حاليا على شكل فصين مزدوجين ناجمين عن الانفجار .
يساعدنا هذا الحدث على دراسة أعمق لحياة النجوم والمراحل المتوترة التي يمر بها قبل انفجاره ( مخاض الولادة ) وخاصة أنه لو انفجر فهو من القرب بحيث يمكننا حتى الاستفاضة في دراسته كما أن إيتا كارينا كان من أوائل النجوم التي تم دراستها طيفيا بشكل كبير وعند حدوث السوبر نوفا الخاص به أجهزتنا الطيفية جاهزة للعمل كما أن ذلك موصول مع دراستنا لسلوكه ودرجة حرارته وسرعة المواد المقذوفة والعلاقة المتبادلة بين هذه البارامترات .
ولكن هناك المزيد :...............
إن شهرة إيتا كارينا تعود لسوء سلوكه فهو نجم ساطع ومتميز بانفجارات متتالية وحتى الأن لم يصل إلى الانفجار النهائي، وتبلغ درجة حرارة المكان الذي يتدفق منه الانفجار حوالي 8500 درجة فهرنهايت (5000 كلفن)، وبالتالي هو أكثر برودة بكثير من غيره من النجوم المتفجرة " وهذا النجم يبدو حقا غريب الاطوار.
من خلال عيون التلسكوب القومي الامريكي تم رصد أول صدى للضوء في عام 2010 ثم مرة أخرى في عام 2011 وتم تسجيل الملاحظات للضوء المرئي الصادر وهناك من يرى انه تم من خلال مجموعة أخرى تسجيل الملاحظات في عام 2003 من قبل عالم الفلك ناثان سميث من جامعة اريزونا في توكسون والان يقوم العلماء بتجميع هذه الملاحظات وكأنها لعبة تركيب ( بزل ) وما لاحظوه كان مذهلا.
يقول العالم Rest المسؤول عن الفريق الذي درس أصداء الأضواء الناتجة من انفجارات السوبرنوفا القوية " كنت اقفز صعودا وهبوطا عندما رأيت صدى الضوء"، ويتابع: " لم أكن أتوقع أن نرى صدى ضوء إيتا كارينا لسبب بسيط لأنه أكثر خفوتا من انفجار سوبر نوفا وليس سوبرنوفا حقيقي، وكنا نعرف أنه ربما المواد المنبثقة منه تتحرك عبر الفضاء وهذا التحرك موثق ومدروس للعديد من النجوم و يستغرق عقودا من الزمن، نحن مع ذلك شهدنا هذا التأثير خلال سنة فقط، وهذا هو السبب في اننا نعتقد انه صدى ضوء الانفجار ".
في حين أن الصور تبدو وكأنها تتحرك مع الوقت، وهذه ليست سوى "خدعة بصرية"، كما أنه لا مشكلة في وصول الضوء في فترات مختلفة وكل ما علينا هو متابعة تسجيل ودراسة المزيد من التحليل الطيفي للنجم لإبراز سرعة التدفق ودرجة الحرارة - حيث تم مؤخرا تسجيل هذه السرعة ووصلت إلى ما يقارب 445،000 ميلا في الساعة (أكثر من 700،000كيلومتر في الساعة) - وهذه السرعة جاءت متطابقة مع توقعات النماذج الحاسوبية، كما أنه يجب دراسة هذا النجم من عدة مراصد حول الأرض والأن هناك مرصد في استراليا يقوم بمساعدتنا وتسجيل البيانات بشكل دوري وكلنا نترقب لحظة الذروة .
يمكننا المراهنة على قدرة هذا الفريق في متابعة إعادة التشغيل عن كثب وكما يقول Rest " نحن نتوقع تحسن في غضون ستة أشهر عن طريق زيادة أخرى في الضوء القادم والذي يعتبر صدى لما كان ينظر إليه في عام 1844"، ويضيف " نأمل بالتقاط الضوء من ثورات قادمة من اتجاهات مختلفة حتى نتمكن من الحصول على صورة كاملة للانفجار"، ويذكر أن هذا الموضوع كان يمثل رسالة الماجستير للباحث الفلكي المهندس محمد العصيري رئيس الجمعية الفلكية السورية عام 2010 .
http://hubblesite.org/newscenter/archive/releases/2012/12/full
صورة موضحة: http://hubblesite.org/newscenter/archive/releases/2012/12/image/a/format/web_print/