العلاقات الاقتصاديه السوريه الليبيه
*شاهر جوهر | قسم العلاقات الاقتصاديه الدوليه
ليبيا هي دولة عربية تقع في شمال أفريقيا على الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط. يحدها من الشرق مصر، ومن الجنوب الشرقي السودان، ومن الجنوب تشاد والنيجر، ومن الغرب الجزائر ومن الشمال الغربي تونس. اسمها الرسمي الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الاشتراكية العظمى ومختصرا "الجماهيرية العظمى".
وهي دولة عضو في عدد من المنظمات والتجمعات الإقليمية والدولية بينها منظمة الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، اتحاد المغرب العربي، جامعة الدول العربية، حركة عدم الإنحياز، منظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة الدول المصدرة للنفط.وكانت عضو فيما يسمى إتحاد الجمهوريات العربيه المتحده وتضم " ليبيا وسوريا ومصر ".
عدد سكان ليبيا ضئيل مقارنة بمساحة البلاد، حيث تبلغ مساحتها 1,759,540 كم مربع (679,182 ميل مربع)، وتعد السابعة عشرة على مستوى العالم من حيث المساحة،ويبلغ عدد سكان ليبيا 6,461,454، بينهم عشرات الآلاف من غير المواطنين.الكثافة السكانية عالية في المناطق الساحلية في شمال البلاد، يبلغ معدلها 50 نسمة/كم مربع، بينما هي حوالي 1 نسمة/كم في الجنوب.أما عن المجموعات العرقية في ليبيا هي العرب والأمازيغ والذين يشكلون نحو 97 % من السكان ، إضافة لنحو 3 % من أصول مختلفة دينياً، تعد ليبيا متجانسة حيث يدين غالبية السكان بالدين الإسلامي 97% مسلمون، و 3% ينتمون إلى ديانات أخرى معظمهم من الأجانب غير المقيمين بشكل دائم.كما أنها تملك أطول ساحل بين الدول المطلة على البحر المتوسط يبلغ طوله حوالي 1.955 كم.تاريخياً تكونت من ثلاثة أقاليم إقليم طرابلس (تريبوليتانيا) برقة (سيرينايكا) وفزان. ويعتبر علم ليبيا العلم الوحيد في العالم الذي يكتفي بلون واحد فقط دون أي رموز.
وتعد مشكلة عدم توفر المياه وقلة مصادرها من العوامل الرئيسية المؤثرة في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعتمد ليبيا على المياه الجوفية بنسبة 95.6% ومياه الوديان بنسبة 2.7% ومياه التحلية بنسبة 1.4% والمياه المعاد استخدامها بعد معالجتها بنسبة 0.7%، ومن أجل التغلب على مشكلة العجز المائي في الشريط الساحلي، فقد تحقق إنجاز واحد من أضخم المشاريع بتكلفة حوالي 30 مليار دولار تحت اسم النهر الصناعي العظيم، ويهدف المشروع من خلال المراحل الأربعة وعبر شبكة من الأنابيب الضخمة يصل طولها 4040 كيلو متر، إلى نقل ما يقرب من 5.5 مليون متر مكعب من الماء يومياً من الأحواض المائية الجوفية في الجنوب إلى المناطق الساحلية في الشمال.كما تم إنشاء العديد من محطات التحلية الصغيرة والمتوسطة حيث بلغت طاقتها الإنتاجية 700 مليون متر مكعب في السنة ويجري العمل لإنشاء محطات ضخمة لتحلية مياه البحر في كل من طرابلس وبنغازي وبعض المدن الأخرى.
تعتبر العلاقات بين البلدين_سوريا وليبيا_ عميقه تاريخياً تعود جذورها الى أيام الفينيقيين الذين هاجروا بدءاً من القرن العاشر قبل الميلاد الى الساحل الغربي الليبي . هذا وقد بدأت السياسة الخارجية الليبية بعد وصول العقيد معمر القذافى إلى قيادة ليبيا (في سبتمبر عام 1970) باعتماد توجه صارم-مستعجل- نحو الوحدة العربية ، وتعددت محاولات الوحدة بين الجماهيرية الليبية والدول العربية ،حيث جرت محاولات للوحدة مع مصر وسوريا-الاتحاد الثلاثي-وتونس والجزائر والمغرب وغيرها ..وترافق ذلك مع عمليات هدم لبوابات الحدود وإلغاء لتأشيرات دخول المواطنين العرب إلى ليبيا .. ورغم أن الشعار الوطني للجماهيريه هو نفس الشعار الوطني السوري بإختلاف بسيط في الأولويات حيث الشعار الليبي هو "الحرية الاشتراكية الوحدة " بينما هو في سوريا " وحده حريه اشتراكية" تبقى العلاقات بين البلدين متواضعه نوعاً ما رغم أن المسؤلين في البلدين يصفوا العلاقات السورية الليبية بالنموذجية وان التعاون وصل إلى مرحلة متقدمة وكبيرة من خلال الشركات السورية التي تساهم في إعادة البنى التحتية الليبية . إذ تعود إلى العلاقات الخاصة التي ربطت القائدين الرئيس الراحل حافظ الأسد والعقيد معمر القذافي وكانت ذات طابع نضالي توحدت فيها الرؤى والفهم المشترك لطبيعة المنطقة وطبيعة الصراع العربي الاسرائيلي وبالتالي كانت هذه العلاقات مميزة بين القائدين وواضحة في تعاطيها مع هذه القضية وامتد هذا الفهم والرؤى الموحدة مع الرئيس بشار الأسد. إذ أن العقيد القذافي يولي أهمية خاصة للعلاقات مع سورية باعتبارها دولة محورية في هذه المنطقة وهي تواجه العدوان وارضها محتلة ومن حقها أن تستعيد أراضيها بجميع الوسائل المناسبة التي تراها .
أما فيما يتعلق بحجم التبادل التجاري والاتفاقيات الاقتصاديه بين الطرفين فقد شهدت العلاقات في 24 آب 2008 توقيع اتفاقية لتسوية الوديعة الليبية لدى مصرف سوريا المركزي والبالغة 200 مليون دولار أمريكي. فقد صرح حينها وزير المالية السوري بقوله: إن الاتفاقية التي تم التوقيع عليها خلال زيارته تنص على شطب الفوائد المتراكمة على الوديعة منذ العام 1982. وأضاف أن أصل الوديعة سيتم استثماره بالكامل في سوريا من خلال إنشاء مصنع أسمنت يستثمره الجانب الليبي لفترة محددة ثم تنتقل ملكيته بالكامل إلى الحكومة السورية. لكن الجانبين اتفقا أيضاً على إعفاء المواطنين السوريين من إي قيود مالية عند دخولهم إلى ليبيا, وهو اتفاق كانت الجهات الليبية المعنية أقرته منذ نحو عام مقابل إعفاء المواطنين الليبيين من أي رسوم عند دخولهم إلى سورية، مع تسهيل عمل الشركات الإنشائية السورية في ليبيا، إضافة إلى أن الشركة العامة للبناء والتعمير حصلت على عقد بمبلغ وصل إلى 200 مليون دولار. وأوضح وزير الماليه السوريه وقتها أن تنفيذ كل هذه الأمور سيتم قبل نهاية العام 2008 إضافة إلى ما تم اتخاذه من قرارات خلال الزيارة وتخص كلا من شركتي الاتحاد العربي للمقاولات والاتحاد العربي للنقل البري, وهما شركتان تأسستا منذ اتحاد الجمهوريات العربية المتحدة في سبعينيات القرن الماضي.
وفي العام 2010عقدت اللجنة العليا السورية الليبية دورتها الخامسة ، برئاسة السيد المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء في الجمهورية العربية السورية والدكتور البغدادي علي المحمودي
أمين اللجنة الشعبية العامة في الجماهيرية وبمشاركة أعضاء وفدي البلدين .تم خلال الزيارة الاتفاق على إجراء مراجعة للإطار القانوني بين البلدين وفق آلية معينة على المستوى الفني ستتم متابعتها من
قبل هيئة تخطيط الدولة بالتنسيق مع الجهات المعنية. كما تم الاتفاق على المزيد من إغناء الإطار القانوني الناظم للعلاقات الثنائية في المجالات المختلفة حيث جرى خلال أعمال اللجنة إنجاز وتوقيع 17 وثيقة شملت الوثائق التالية:
1. اتفاق تأسيس مجلس التعاون الاستراتيجي يتناول كافة المجالات على مستوى رئيس الوزراء وأمين اللجنة
العامة الشعبية وعضوية كافة الوزراء ويتم التنسيق لأعماله من قبل وزير وأمين عام يتم تفويضهما لاحقاً.
2. اتفاقية للتعاون القضائي في المواد المدنية والتجارية والجزائية والأحوال الشخصية.
3. اتفاقية النقل الجوي.
4. اتفاقية للنقل البري للركاب والبضائع على الطرق بين البلدين.
5. مذكرة تفاهم للتعاون الفني في مجال البريد.
6. مذكرة تفاهم للتعاون في المجال الزراعي.
7. مذكرة تفاهم في مجال البيئة.
8. مذكرة تفاهم بين هيئة تنمية وترويج الصادرات ومركز تنمية الصادرات.
9. مذكرة تفاهم في مجال حماية الملكية التجارية والصناعية.
10. برنامج تنفيذي لمذكرة التفاهم في مجال الشؤون الاجتماعية والرعاية للأعوام 2010-2011.
11. برنامج تنفيذي لاتفاق التعاون الثقافي للأعوام 2010-2011-2012.
12. برنامج تنفيذي في المجال الإعلامي للأعوام 2010-2011-2012.
13. برنامج تنفيذي في المجال التربوي للأعوام 2010-2011-2012.
14. برنامج تنفيذي ثالث لاتفاق التعاون السياحي للأعوام 2010-2011-2012.
15. برنامج تنفيذي في مجال التعليم العالي للأعوام 2010-2011-2012.
16. مذكرة تفاهم للتعاون بين المصرف لتجاري السوري ومصرف الجمهورية الليبي.
كما تناولت أعمال اللجنة مجالات التعاون الثنائي بشكل عام مع التركيز على أهم المواضيع التالية:
1. موافقة الجانب الليبي على إعفاء المواطنين السوريين المتواجدين في الجماهيرية العظمى من الغرامات المالية المترتبة عليهم نتيجة لعدم تسويتهم أوضاع العمل والإقامة في حال تمكنهم من تسوية أوضاع عملهم وإقامتهم خلال فترة /6/ أشهر ابتداء من 1/3/2010
2. الاتفاق على تعزيز التعاون التجاري بين البلدين وتوفير السبل المؤدية لذلك من خلال :
- تسهيل انسياب البضائع والسلع الوطنية المنشأ عبر طريق النقل البري إلى أسواق كلا البلدين والعبور إلى دول ثالثة . وسيؤدي هذا الاتفاق إلى إزالة عائق هام كانت تفرضه ليبيا مما أدى إلى الحد من تدفق البضائع
السورية إلى ليبيا وأسواق شمال إفريقيا.
- استعداد الجانب الليبي لتقديم التسهيلات والإعفاءات على بعض الاشتراطات للمساهمة في توفير خط منتظم للنقل البحري بين موانئ البلدين، حيث وافق الجانب الليبي على استثناء السفن القادمة من سورية من شرط عمر السفينة وهذا سيسهل وجود شركات نقل بحري عاملة بانتظام على هذا الخط.
- إعفاء رجال الأعمال السوريين اللذين يحملون جوازات سفر تبين مهنتهم كرجال أعمال أو بطاقات معتمدة من اتحادات الغرف المعنية (تجارة، صناعة، زراعة، سياحة، ملاحة) ، من أية قيود لدى دخولهم الأراضي الليبية.
- تفعيل دور القطاع الخاص في كلا البلدين من خلال تأسيس مجلس رجال أعمال سوري – ليبي تم الاتفاق على مبدئه خلال هذه الزيارة وسيعمل القطاع الخاص بين البلدين على إنجاز الاتفاق اللازم لتأسيس هذا المجلس في أقرب فرصة ممكنة.
3. أهمية بحث إقامة شراكات مشتركة كبرى بين القطاعين العام والخاص في البلدين في مجالات متعددة ولا سيما المقاولات والنقل البري وتشجيع إقامة استثمارات مشتركة بين البلدين والتوجه تحو إقامة استثمارات
مشتركة سورية – ليبية في بلدان ثالثة.
4. توفير فرص عمل للشركات السورية – الليبية المشتركة وتوفير البيئة المناسبة لأعمالها ( الشركة السورية الليبية للشبكات والمقاولات المشتركة – الشركة السورية الليبية للاستثمارات الزراعية والصناعية – شركة الاتحاد العربي للمقاولات ).حيث تم الاتفاق على توفير فرص عمل للشركة السورية الليبية للشبكات والمقاولات المشتركة لبدء نشاطاتها في الجماهيرية العظمى بتنفيذ بعض مشاريع البنى التحتية المستهدفة للعام 2010 وما بعد وكذلك توفير فرص عمل في الجماهيرية الليبية للشركات العامة السورية ولا سيما تلك العاملة في مجالات المقاولات والبناء ، وفق ما يلي:
- التأكيد على استمرار الشركة العامة للبناء والتعمير السورية بإنجاز مشروع بناء /2000/ وحدة سكنية في منطقة تندميرا واستمرارها بالتعاون مع الجانب الليبي لدراسة تنفيذ البنى التحتية ومرافق الخدمات لمشروع
منطقة تندميرا .
- الموافقة على قيام الشركة العامة للطرق والجسور بتنفيذ مشروعين للطرق في ليبيا الأول بطول 135 كم والثاني بطول 161كم.
4 - إرساء تعاون أقوى بين البلدين في مجال النفط والثروة المعدنية بتبادل الخبرات ومشاركة الشركات العامة والخاصة في البلدين في مجال استكشاف وإنتاج النفط والغاز والثروة المعدنية وتوريد التجهيزات والمواد
اللازمة والترويج لمنتجات الثروة المعدنية السورية لتصديرها إلى الأسواق الليبية وأي أسواق ثالثة ممكنة ولا سيما الأسواق الإفريقية.
5. تعزيز التعاون العلمي بين البلدين من خلال زيارة عدد المنح الدراسية المتبادلة إلى /15/ منحة سنوياً ومعاملة إعفاء الطلبة المقيمين في البلد الآخر معاملة الطلبة المواطنين من حيث الرسوم الدراسية في مرحلتي التعليم الأساسي والمتوسط .
6. تطوير التعاون الثقافي من خلال استمرار دراسة إمكانية إقامة شركة مشتركة للإنتاج السينمائي والبرامج المرئية بما يحقق المصلحة المشتركة للبلدين.
7. استمرار تفعيل آليات المتابعة من خلال انتظام عمل لجنة المتابعة بين البلدين وأهمية المتابعة الجدية لأعمال هذه الدورة للجنة العليا في ضوء برنامج زمني تم إعداده لهذه الغاية ( مرفوع ربطاً نسخة محضر اجتماع الدورة الخامسة للجنة العليا والبرنامج الزمني التنفيذي الملحق به).
ويمكن القول ان السوق الليبية تعتمد بالدرجة الاولى على المنتجات الصناعية السورية وخاصة الألبسة إلا أن هذه التجارة غير مقننة أي انها تقوم وفق علاقات الافراد ولا تمر عبر المؤسسات التي يمكنها ان تحصر حجم التبادل ولكنها تزداد باطراد. وفي المجال السياحي فهي تتوزع بين تجارية وعلاجية وترفيهية وأن العديد من الليبيين يأتون للعلاج في سورية وخاصة في مجال طب الأسنان.
هذا وأن الخطوط الجوية الليبية تسير حاليا (4) رحلات جوية بالاسبوع اضافة إلى رحلتين للخطوط الجوية السورية ورحلتين للبراق بحلب فضلا عن رحلات البر حيث أن السياح الليبيين يأتون بالمرتبة الثالثة من السياح القادمين إلى سورية حيث يجدون فيها الدفء والتماثل في العادات والتقاليد إضافة إلى أن السوق السورية مرغوبة في ليبيا وخاصة المنتجات القطنية وألبسة الأطفال والنساء. وفيما يتعلق بالعمالة السورية فإنها تحظى باحترام كبير في ليبيا .. وتقدر بحوالي اكثر من 200 إلى 300 الف عامل اضافة إلى وجود شركات اتحادية مشتركة تم عقد الجلسة العمومية لها منذ شهر و نتائج اعمالها مشجعة جدا.
وإن مقارنة بسيطة بين ديموغرافيه وجغرافيه البلدين نجد أن مصلحة سوريا كبيره جداً في إقامة علاقات إقتصاديه وتجاريه مع الجماهيريه، فرغم أن التوجه العام والرؤيه السياسيه المشتركه بين الطرفين في غالبية القضايا الداخليه والخارجيه تكاد تتطابق إلا أن العلاقات بين الطرفين تبقى في حدودها الدنيا .أما اليوم وما نشهده من حراك شعبي هو السابق من نوعه في ليبيا والوطن العربي يدفع الى القول أن المهام باتت أصعب على النظام الرسمي العربي فيما يتعلق بتحقيق متطلبات التنميه الشامله ..وهذا يعتبر دافع لسوريا لإعادة صياغة علاقاتها مع العالم العربي وخصوصاً ليبيا لما توفره البيئه الليبيه من متطلبات تلك التنميه.
والله ولي التوفيق