من المشاركة 42 الى94
أراد أن يعود للوطن بعد أن شفي , الا أنهم لم يسمحوا له ....
و بع أشهر بدأت حرب العراق فقرر مشاركة العراقيين في الحرب , و انطلق الى سورية ومنها دخل الأراضي العراقية ولكن .... وهنا انهمرت دمعات من عينيها ...
لم أسمع صوته أو أراه الا على شاشة الأخبار عندما أعلنت استشهاد عدد من الشهداء العرب و عرضت صورته بينهم .
ثم ساد الصمت أرجاء الغرفة .... وسافر كل منهما في ذهنه الى أماكن واسعة مجهولة .
لكن حنان عادت وتابعت تقول :
عندما تبين أن قصي من اللذين قاوموا في العراق ,وجد الصهاينة تغطية لاعتداءاتهم المستمرة على المنطقة بحجة البحث عن أفراد اخرين مختبئين في البيوت ويعدون انفسهم للتسلل عبر الحدود للوصول الى العراق
سيق نصف شباب الحي الى المعتقلات , وخضع معظم اهالي الحي للاستجواب و التحقيق وعندما تم استجوابي تأمل المحقق بطاقتي الشخصية و قال بلهجة ساخرة " ذاك ال..... أخوك "
عندها انفجر بركان حقدي و طبع صفحة احمرت وجنته من لهيبها
و كيف لي ان ابقى هادئة وقد لوث بلسانه القذر ذكرى أخي .
تم احتجازي بعدها ولم يتركوا فرصة لاذلالي الا و اغتنموها .. تعرضت للضرب و الشتيمة والصعق بالكهرباء ...
بقيت على هذه الحال الى ان تم تحويلي الى المحكمة العسكرية بتهمة الاعتداء على ضابط اسرائيلي بالضرب
كانت المحاكمة شكلية حكم علي بالسجن مدة 20عاما
نقلت إلى سجن عكا وعندها بدأت أخطط للهرب فجدران ذاك السجن كانت تطبق على صدري ورطوبته بدأت تنهش جسدي اشتقت حينها لأشعر بنور الشمس يلف جسدي اشتقت لأحس بأنامل النسمات الفلسطينية تداعب شعري...لم أستطع الاحتمال فقمت في إحدى جلسات التعذيب بالتظاهر بالإغماء وتم نقلي بعدها إلى مشفى عسكري استطعت الفرار بعد أن قمت بخنق الحارسين بهذا(أخرجت من جيب معطف أحدهما سلكا معدنيا رفيعا)
وجدت سيارة إسعاف أمام الباب فاختبأت بجانب جثة وعندما ابتعدنا عن المشفى قفزت من السيارة وتابعت المسير تجاه الشمال وبعد مدة من السير دون وجهة تسللت إلى أنفي رائحة خبز مشوي على التنور لم أستطع المقاومة ذهبت باتجاه الرائحة فوصلت إلى بيت ريفي أمامه عجوز بعد أن سمعت شيئا من كلامها عرفت من لهجتها أنها لبنانية اتجهت نحوها فناولتني رغيفا وطلبت كأسا من الماء أخبرتها عن قصتي ..وفي المساء عندما عاد ابنها يحيى وعلم حكايتي أخبرني انه لا يمكنني المكوث طويلا هناك فعملاء اسرائيل الذين تركتهم في الجنوب سوف يدورون كالكلاب لاقتفاء اثري وتسليمي ليقبضوا ثمني فلا يستطيع جشعهم مقاومة إغراء اللون الأخضر للدولار. واقترح عليّ يحيى أن يأخذني في الصباح الى ميناء صور فهناك يوجد سفينة متجهة نحو المغرب
قبلت اقتراحه فالان أنا مطلوبة بتهمة القتل وليس أمامي إلا الموت إن تم إلقاء القبض عليّ .
وفي الميناء عرّفني يحيى بإسلام ربّان السفينة وأوصاه أن يأخذني عندما نصل المغرب إلى شخص اسمه الناصر .
وصلت الى المغرب والتقيت بالناصر
كان شخصا متعاونا جدا أمن لي مسكنا وجدت فيه كل شئ طعام ثياب كل شئ
الاانني احسست بثقلي عليه فطلبت منه بل رجوته ان يجد لي عملا
الاانني.......
وللاسف
لم أجد عملا يناسب حنان الفتاة التى تربت على القيم والمبادئ
عندها طلبت منه ان يجد مايناسبني اكثر
الاانني صعقت عندما اعتذر مني بطريفة استفزازية
عندها ادركت ان ثلاثة اسابيع كانت جديرة بان يشعر الناصر بالملل مني وهو من كان ملجا لكثيرين غيري
عندها طلبت منه طلبا اخيرا وهو ان ينقلني لدولة امنة تتكفل بمعيشتي فاقترح لي عدة دول الاانني ومن سوء حظي ولكونني مدرسة للّغةالانجليزية ولان لي معرفة بمدينة لندن قرر ت ان انتقل الى المملكة المتحدة
الاانه اشار علي ان انتقل عبر المحيط وان ابقى داخل صندق لمدة لا تقل عن 10ايام وذلك الصندوق قد خصص للطعام
الاانني رغم كل الصعوبات وافقت كي أأمن لي مسكنا هادئا نوعا ما
ُ اه يا الهي
أنت أملي الوحيد ساعدني يا رب
إن كان هذا هو الطريق الوحيد لأنجو من أعدائي فسأمشي عليه رغم وعورته
سأحتمل البقاء داخل ما يشبه القبر مدة عشرة أيام لان هذا القبر سيكون لي خلاصا
سيكون كذلك طالما هو يمضي بي بعيدا عن أعين الصهاينة ً
هذا ما كنت أحدث نفسي به يا طاهر حين قبلت السفر عبر المحيط بالطريقة اللتي عرضها علي الناصر اللذي عندما اخبرته بموافقتي قام من فوره ليدبر لي عملية هروبي بالاتفاق مع بحار من طاقم السفينة عمله الاشراف على مخزن المؤن
لقد قبل البحار القيام بذلك لانه يدين بخدمة للناصر
ليس من عادة الناصر ان يستد مقابل خدماته لكنه هذه المرة أحس ولأول مرة بأن عليه أن يستغل ذلك فلا يوجد طريقة اخرى تجعل من ذاك البحار الموافقة
وعندما حان موعد رحيل الباخرة ...
أخبرني البحار على رصيف الميناء أن مسار الرحلة قد تغير لذلك فسوف يوصلني إلى إسبانيا وسيتولى أحمد ايصالي إلى الحدود الفرنسية
عندما سألته عن أحمد أخبرني أنه شاب مغربي يحمل الجنسية الاسبانية ويعمل في تهريب المهاجرين العرب إلى الدول الأوربية بطريقة غير شرعية . وبالفعل عند وصولي إلى اسبانيا تعرفت على أحمد الذي تولى نقلي مع ببعض المهاجرين إلى المنطقة الحدودية حيث كانت تنتظرنا قوات حرس الحدود .......
لم أتكلم مع أحمد شيئاً عن قصتي وهو لم يسأل .. توجهنا إلى الحدود وبطريقة لا أعرف كيف, لم أر نفسي إلا ضمن الأراضي الفرنسية وهنا بدأ مشوار الضياع حيث أنني لم أجد العنوان الذي وصفه لي أحمد لأكمل الرحلة إلى لندن .. وأصبحت في فرنسا تائهة حائرة بلا مسكن حتى تلك الساعة التي غيرت ولو قليلاً بمجرى قصتي الطبيعي ..
تلك الساعة التي التقيت بها بكلير وهي فتاة فرنسية تعمل في مقهى رثت لحالي وأخذتني حيث تسكن ووعدتني بأن تؤمن لي جواز سفر حتى أتمكن من أن اغادر إلى المملكة المتحدة فأنا لااستطيع المكوث في فرنسا طويلا أو العمل هناك فأنا لا أجيد اللغة الفرنسية
وبعد بضعة أيام فاجأتني كلير بهذا( تخرج حنان من معطفها جواز سفر باسم لور وتعطيه لطاهر ) وقتها أمكنني السفر فحنان هي المطلوبة من الانتربول لا لور.
وصلت إلى مطار لندن .. تهت في شوارعها لم يكن لي وجهة محددة
كانت نظرات الناس تستجوبني من أنت؟؟ ماذا أتى بك؟؟ أو ربما كانت نظرانهم عادية لكن شعوري بالغربة هو من رسم لي علامات الاستفهام في تلك النظرات...
ولكن مع ذلك ----
فقد شعرت بنوع من الارتياح لابتعادي عن أولئك الوحوش القتلة
لولا تلك القشعريرات التي ذكرتني بأخي وبهويتي التي سأضطر الى تركها
حتى أضمن أن أعيش براحة بال نوعا ما------------
حنان يكفي ما سردتيه لي الى الان "
خاطبها طاهر بصوت ممزوج بالغضب والرأفة بان واحد
تفاجأت حنان وقالت
"لماذا تخاطبني بهذه الطريقة"
هز برأسه وكأنه يعلن انهزام صرح عظيم
واخذ يجول انحاء الغرفة بتوتر
بينما تتأمله حنان وهي متوترة اكثر منه
"ماذا هنالك ياطاهر "
قالت حنان
خاطبها وهو يلوح بحواز السفر
"حنان يؤسفني ان اخبرك بان جواز لور كان سببا لاعادة متاعبك من جديد
ماذا تقول
نعم فقد ابلغت لور عن فقدان جوازها واصدرت الشرطة الفرنسية قرار بمراقبة الحدود و المطارات وغير ذلك
ووووو
للاسف ياحنان
قد استطاعت شرطة المطار التقاط الصور لك ونشرها بالمراكز
حنان صدقا انت في موقف لاتحسدين عليه
فقد تم المقارنة بين الصورتين
و علمت الحكومة البريطانية بانك مطلوبة من قبل الامن الدولي
وهي لن تتهاون بتسليمك اطلاقا"
صعقت حنان وكانها ورقة خريف اعلنت موت الربيع
ساد الصمت في الغرفة.......
الى ان سالته حنان
ومن أين لك بهذه المعلومات؟؟؟
قال لها
"حنان محمد اليونس انا طاهر زين
اعمل في الاستخبارات الانكليزية
عملي يقتصر على أرشفة المعلومات على الكمبيوتر
أعلم انك مستغربة لاني عربي واعمل هناك الاانني احمل الجنسية الانكليزية من امي اللتي اقيم معها هنا في لندن
هنا شعرت حنان بقشعريرة تنتاب جسدها ككل .. وظهر الارتباك عليها .. وسادت برهة من الصمت قطعها طاهر قائلاً : لا تحزني .. سأتخلص من هذا الجواز وسأعمل على أن أساعد أخت دمي بكل ما أستطيع .. أعدك بذلك ..
رفعت حنان بعدها سماعة الهاتف ونادت لطاهر
"أخبرهم أنك قد عثرت عليّ سلمني إليهم لربما منحوك وساما أو ترقية ...لاتخاطر بمستقبلك من أجلي ..تعال كلمهم...أنت تنتظرك حياة تزخرفها الأمال والطموحات والفرص ..أما أنا حتى لو هربت فليس بانتظاري سوى دروب أضعت على مفارقها سنين العمر ...خذ لاتتردد سلمني إليهم ..لعل الكفن سيكون سرير لراحة هذا الجسد الذي أفناه التعب .
أخذ طاهر سماعة الهاتف من يدها و أغلقها دون أن يرد على حنان بأي كلمة .. مما زاد توجس حنان وتخوفها وباتت تنتظر ماذا سيفعل وفكرت في الهرب .. كان طاهر يبحث عن طريقة ينجي بها ابنة قوميته من الهلاك فعاهد نفسه على أن يبذل قصارى جهده .. فدار في دماغه فكرة استغلال وظيفته بالحصول على جواز سفر لحنان أو حتى جنسية بريطانية ..
تبادلا نظرات صامتة قطعها صوت قرع على الباب فاستيقظ فيهما ذاك الشعور الفطري بالخوف ودارا الغرفة بطريقة هيستيرية ..فتح طاهر باب الشرفة ودفع حنان إليها ابقي هنا وإذا شعرت بقدوم أحد فاقفزي الي الشرفة المجاورة..
فتح طاهر بعدها الباب ليجد شابا في الثلاثينيات .
السلام عليكم
وعليكم السلام ..من أنت ؟
كان الشاب يحاول اختلاس النظر إلى داخل الغرفة كأنه يبحث عن شيْ أو أحد ما تجاهل سؤال طاهر وبدأ يتكلم
رأيتك على الدرج بصحبة فتاة أتعرفها منذ مدة أليست هي هنا معك ؟؟
احتدّ طاهر وأجابه بانفعال واضح: لم تكن معي أي فتاة ؟وحتى ولو كان الأمر كذلك فانه لايعنيك ماشأنك أنت؟
هدّأ الشاب طاهر وأخبره أنه يعرف الفتاة وهي حنان تعرف عليها منذ سنوات في مشفى في لندن عندما كانت برفقة أخوها قصي فهوجرّاح في ذلك المشفى ..
فوجئت حنان به واستقبلته بحرارة وشرحت لطاهر أن الدكتور سعد ساعدها كثيرا في فترة علاج أخوها
سألها د.سعد:لما أنت متخفية ولا تريدين أن يعلم أحد بوجودك؟
قصّت عليه بعدها حنان حكاية عمر التشرد والهرب...
وفي اثناء سردها لحكاية التشرد لسعد الشاب العراقي الاصل الموالد في المملكة المتحدة
تاثر سعد جدا بحكايتها وعرض عليها ان تسكن مع اهلها ولفترة وجيزة
ريثما يهدا الجو واشار اليها بان هذا الفندق يقصده الكثيرون كونه قريبا من المطار
عندها لم تعلم ماذا تفعل الى انه اخذ يصر عليها اكثر وهو يردد مقولة "
دماء قصي في العراق هي دين علي وحان الوقت لان اعيد الدين"
لم يدر طاهر ما يقول..و لكن تفكيرا بسيطا بظروف حنان دفعه لأن يبارك اقتراح سعد و شجعها على الموافقةو قادهما بسيارته المركونة في فناء الفندق الخلفي الى حيث يقطن سعد...
و حين وصلوا الى حي سعد اوقف السيارة و ودعهما واعدا اياهما بلقاء قريب..
و عندما بقي والوحدة في سيارته الفى يقود ساهما و مفكرا بكل ما جرى معه و قد تسلل اليه شعور بالانقباض و الوحشة الذين فقدهما منذ زمن..لم يعلم كيف يفسرهما..لكنه علم شيئا واحدا..انه يفتقد رائحة الطيب ..رائحة حنان!
قاد سعد حنان في طريق تسوره اشجار عراها الشتاء..و اخذ يخبرهاعن عائلته المكونه من الام 54 عاما
واخته ابتسام 30 عاما
ومحمد 22 عاما
واثناء وصولهم الى الدار ابتسم سعد لحنان وفتح لها الباب وهو يقول تفضلي
السلام عليكم
هل يوجد احد هنا
عندها جاءت الام وابتسام
وسلما عليهما
سالت الام بستغراب
"من تكون؟ "
"صديقتي" قال سعد
عندها ساد صمت مخيف بالمنزل
بعد ذلك ابتسمت ابتسام واخذت تتحدث مع حنان
وبعدها اخذتها الى غرفتها
عندها صرخت الام بوجه سعد وهي تقول
"صديقتك
صديقتك بالمنزل
اذا كان الجراح البالغ يقوم بهذا التصرف
فماذا يفعل الصغير"
كانت جيني .. أم سعد .. انكليزية الجنسية من أب وأم تزوجها خالد .. أبو سعد .. وكان غنياً لدرجة عالية فتزوجته طمعاً حتى مات في ظروف غامضة منذ عدة سنوات .. كانت من أشد الناس كرهاً للعرب لا يربطها بأبنائها إلا رابط الأمومة ..
قادت ابتسام (حنان) الى غرفة ذات اساس فاخر و جدران تغطيها لوحات فنية تنم عن ذوق فني راق....كانت حنان تنظر مشدوهة حولها في ارجاء المكان و كانت خيالات و خيالات تمر امام عينيها المتعبتين..ابتسمت لها اخت سعد و اخرجت لها قميص نوم و دلتها على غرفة الحمام و خرجت..فما كان من حنان بعد ان استحمت الا ان القت بنفسها على السرير الوثير و استسلمت لغفوة لذيدة..
دخلت أشعة الشمس من نافذة الغرفة و دغدغت مقلتي حنان النائمتين..فانتفضت في فراشها مذعورة..لم تتعود بعد على معنى ان تكون في امان فحواسها دوما في حالة استنفار ..
طرق الباب..و دخلت ابتسام حاملة باقة من الازهار..نظرت اليها حنان مستغربة..
قالت ابتسام:لقد وجدت هذه الباقة امام الباب اليوم صباحا و فيها بطاقة كتب عليها اسمك..
أخذتها حنان مستغربة و فتحت المظروف..اخذت دقيقة كاملة لتستوعب مضمون الورقة التي
كتب فيها
"حيث ان الالم الذي يتسلل بصمت قاتل الى احلامنا و ايامنا الصماء...حيث ان الظلام الذي يكسر الفرح و يمزق اوراقه يتربص بنا كوحش مريع..حيث ان الياس المرير لا يجب ان يجد السبيل الينا..نادتك هذه الورود لتتأملي برهة و لتلوحي للأمل الذي يقف بعيدا على طريقك..
طاهر"
اغرورقت عينا حنان بالدموع فبدت كمن قرأ سطور السنين..لم يكن حزنا لا.. لا ..تقول لنفسها..إنه نوع آخر ..انه أمل يضيء في وجهها..كلمات من الحياة طالما احتاجت اليها..
لم تعرف الثقة منذ زمان بعيد و ها هو ذاك المرسل من السحاب يأتي لينير البسمة في عينيها الكليلتين...
إنها و رغم كل الخطر و الآلام تجد ذاك النوع من السعادة الذي قرأت عنه في كتب المتفلسفين-كما سمّتهم جدتها يوما ما-..انها حقيقية..حنان شعرت بلحظة أمان..لكنها لم تدم طويلا....
طرق باب الغرفة و دخلت ام سعد التي شعرت حنان منذ لحظة لقائهما باللاراحة تجاهها...
تمتمت حنان"خير انشاء الله"...
وكانت محقة بتوجس الشر...
دخلت أم سعد غرفة حنان وحاولت أن تبدي لها الشر بوجدها هنا وأنا من رائحة وطن زوجها المرحوم ..
إلا أنها ما لبثت أن طرحت عليها كماً هائلاً من الأسئلة وأرادت منها أن تقص لها أدق تفاصيل رحلتها مع المشقة ..
كلمتها حنان بإيجاز مقصود لأن الخوف كان يعتريها ..
شعرت حنان بالانزعاج من السيدة جيني وغدت كانها وردة ربيع سحب الخريف منها اجمل اطلالتها
عندها شعرت ابتسام بمدى الالم الذي سببته امها لحنان فاخذتها الى خارج الغرفة
و كان يتردد الى سمع حنان همهمات غير مفهومة من الغرفة المجاورة الى ان ارتفعت حدة النقاش
وسمعت السيدة جيني تقول:
اقسم بانني سابلغ عنها انا لا اقبل بوجود ارهابية في منزلي.. مما صعق حنان
التي قررت الهروب
فتسللت من النافذة
وعبرت من خلال حديقة الخلفية للمنزل
وخلال خطواتها الممزوجة بالالم والحيرة
جمعتها الصدفة وللمرة الثانية بطاهر الذي جاء ليطمئن عليها
لكنه صدم عندما شاهد
ملامح الخوف التي رسمت عليها
وبعد معرفته بالذي حدث .....
قرر ان ينقلها الى منزل تلتجا اليه الى ان ينظر الله في امرها..
و بعد ان وصلا الى المنزل استأذنها..و خرج ليجلب طعاما لكليهما..
و في هذه الاثناء عاد سعد الى المنزل و وجد امه في الغرفة تستمع الى احدى المقطوعات الموسيقية..
سألها:أين حنان و ابتسام يا امي؟
ردت دون ان تحول نظرها اليه"لقد غادرت تلك الارهابية منزلنا...لا تخف لم تسرق شيئا فقد فتشت المنزل بعد ذهابها.."
أجابها بانشداه تام:ما الذي تقوليه ؟؟أبتسام...أين حنان؟!و جاءت هذه من الغرفة المجاورة باكية.."لا أعلم أرجوك اذهب و ابحث
عنها.."
و دون اي كلمة صفق الباب وراءه و هام في الشوارع كالمجنون..
..و حين وصل الى جانب مطعم للوجبات السريعة وجد وجها مألوفا يخرج من الباب..إنه طاهر..
و ركض نحوه صارخا"حنان...لقد ضاعت.."
-هدئ من روعك انها في أمان عندي..بعد ان كادت امك تودي بها الى الهلاك..
-ما الذي تقوله؟؟
-هذه الحقيقة..اذهب الآن الى منزلكم فأنت بحاجة للراحة..و سنراك انا وحنان غدا..
-هذا محال..اريد ان ارى حنان..
-ما بالك يا رجل..انها بحاجة الى النوم و الراحة..دعها ترتاح اليوم وستطمئن عليها غدا..هيا اذهب
و اضطر سعد مع الحاح طاهر و حججه المنطقية الى المغادرة و لكن باله بقي عند بنت وطنه و ما
تخبئه لها الايام..
جلست حنان في المنزل الذي احضرها طاهر اليه تندب حظها الذي أوقعها في هذه المشاكل .. ماذا فعلت لجيني هذه ؟ ..
أو لماذا يحاول طاهر مساعدتي ؟
فكرت كثيراً حتى فقدت السيطرة على دماغها ..
فقررت فجأة الهرب .. إنه الحل الوحيد الذي ينجيني من هذه الورطة ..
هذا ما قالته وهي تغلق باب المنزل إلى طريق لا تعرف الى أين يؤدي ..
و عندما عاد طاهر حاملا الطعام..جالت عيناه في أرجاء الغرفة حيث ترك حنان و لكنه لم يجد شيئاَ ...نزل الى الدور السفلي ثم خرج الى الحديقة و لا فائدة..ناداها كثيرا و لكن دون رد..و بعد أن تسلل العجز الى قلبه..جلس يبكي كالأطفال..
أما حنان..الضائعة في مدينة الضجيج..فخرجت الى المجهول لا تدري الى أين تتجه..و بينما هي تمشي ..زأرت معدتها الفارغة منذ الصباح...حدثت نفسها و الدموع تنسكب من عينيها"يا الله ..ليس لي أحد سواك..الجوع يعضني..فأنى لي الطعام؟!"و بينما تمسح دموع مقلتيها.جاء الامل العزيز مجددا..كالجنية التي في الحكايات..وجدت امرأة عجوزا تحمل سلة مليئة بالخبز..ركضت نحوها ..قالت بإنكليزية طليقة"أرجوك سيدتي..أطعميني..فأنا لم أذق الطعام منذ البارحة..."و لكن ذاك الكرم و الشهامة اللذين اعتادتهما من أهل بلدها..لم تجدهما للأسف هنا..حيث احتاجتهما..فما كان من تلك المرأة إلا أن حدجتها بنظرة ملؤها التوجس و الريبة و اخذت تنظر حولها بحثا عن دعم مرقوب..
و لكنها لم تحتج اليه..فالله أنعم على حنان..بذكاء و سرعة بديهة...و فهمت أن طلبها غير مستجاب..فاعتذرت للمرأة بلهجة تقطر أدبا..و سارت على الدرب مبتعدة..والمرأة خلفها,..
لم تر هذه المرأة دموع حنان التي زادت انهمارا..فهي لم تعتد الذل يوما و ما بالها قد طلبت طعاما و لم تجَب..يا للدنيا القاسية!
و لكن المرأة شعرت بالخجل من تصرفها ..و نادت"هي...يا فتاة..يا من طلبت الخبز.."
سمعتها حنان..و لم تدر لها بالا..لم تعد تريد طعاما مغمسا بالذل ..و زادت المرأة من صياحها و زادت حنان من سرعة مشيها و انعطفت سيرا في زقاق مقابل..
انطلقت بعيدا في شوارع لم تكن أكثر ضبابية من مصيرها …فكرت طويلا غرقت في بحر من الخيارات اليائسة ..
أتبقى رهينة الخوف طريدة الذعر ..أم ترفع الراية البيضاء لذوي تلك القلوب السوداء وتسلم نفسها كنعجة على المذبح لتكون نهايتها دليلا على تفوّق الاستخبارات الانكليزية…أم تقذف نفسها في في نهر التايمز لتنال منها مياهه قبل أن ينال منها رجاله.. قطعت أصوات أجراس سيل أفكارها اتجهت نحو الصوت ..لتقف أمام كنيسة..دخلتها .. جلست بصمت ..فوجئت بيد على كتفها.. وصوت يهمس بالانكليزية
"باركك الله"
جلس القس بجانبها حاول أن يشعرها بالأمان..بعد أن ارتاحت حنان لحديثه أخبرته أنها تائهة في هذه المدينة وطلبت منه أن يسمح لها بالبقاء في الكنيسة فترة ريثما تجد مأوى آخر ..رحب بوجودها وقال لها"بيوت الله مفتوحة لعباده ياابنتي" غادر بعدها قليلا وعاد مع طبق من الطعام
انتظرها حنى أنهت طعامها وقادها بعدها إلى غرفة فيها سرير واحد
"بإمكانك أن تنامي هنا"
و ما ان غادر الغرtة حتى استلقت على السرير و انشجت بالبكاء..
أما طاهر فكان قد غادر المنزل من فوره كالمجنون يجوب الشوارع حتى انتهى به المطاف امام بيت سعد الذي استقبله بانشداه تام حيث رأى ملامح وجهه التي تنذر بالموت..
"ما بالك؟!أين حنان؟ما الذي جرى؟"
"كل هذه الاسئلة لها جواب واحد...لا أعلم"و قال هذه الاخيرة بصوت أقرب الى الصياح..
"لاتعلم
اذا من يعلم؟"
قال سعد لطاهر:
"ألم تخبرني عندما قابلتك بانك قد اخذتها الى منزل اعددته لها"
"لقد هربت من المنزل"قال طاهر
"ماذا ؟
هربت من المنزل" قال سعد
عندها مر الصمت كشبح مخيف سرق الانسانية المستودعة في عيونهم
فاخذ كل منهما يلقي اللوم على الاخر
حتى قرر طاهر الانسحاب ولكنه ومن سيارته كان يتوعد لسعد بالسوء اذا حدث لحنان اي مكروه
عندها جلس سعد على حافة الطريق واخذ يلوم نفسه ويلوم امه التى كان سببا لارباك حنان مجددا
في اثناء ذلك كانت حنان جالس على سريرها تناجي ربها وترجو منه ان ينقذها
فلا ملجئ لها الا هو سبحانه وتعالى...
-و بينما هي اذ ذاك دخل القس الطيب..قالت في نفسها"كم تشبه والدي!"
بادرها بلهجة حنونة:و الآن يا ابنتي..الن تخبريني ما الذي يجعل فتاة مثلك تجوب شوارع لندن جائعة باكية..ما الذي اتى بك الى مدينة الضباب؟
فاضطرت آسفة لأول مرة في حياتها ان تكذب على شخص قدم لها الاعانة"أنا يا سيدي جئت مع أخي الذي يقطن هنا لأقضي الاجازة عندهم و لكني تهت عن طريق المنزل و لا أعلم كيف اعود..لقد أضعته هنا في لندن و لكنه يسكن في مدينة مجاورة نسيت اسمها و ربما قد عاد الى منزله معتقدا اني عدت بالمترو الذي علمني كيف استقله.."
"أوه..لا تخافي يا ابنتي..سنتصل بالبوليس علهم يعرفون السبيل لإعادتك الى حيث يقطن اخوك.."