وقفات اجتماعية
على الشواطئ الرملية حيث تدغدغ حبيباتها أسفل قدميك, و يبهرك انعكاس الأضواء عليها .
على التلال و الهضاب , و بامتداد السهول , تتراء لك صور الطبيعة .
نسير في دروب الضباب و غشاوة تعتلي أبصارنا , حيث صرنا نلتمس دروبنا بعصا خشبية , في يقظة بصرنا.
عند تتضارب الأمواج المحيطات و تصارعها مع أشرعة السفن , تهلع أنفسنا للصلاة , و طلب النجدة , و تحشر أجسادنا في زوايا الآمنة نترقب الفرج.
عندما يقف بيننا و بين الموت , لحظة سكونية ,
نتربص أن يخطأ دربه , أو أن نفلت من سيوفه القاطعة,لكي نقول كلمتنا الأخيرة ,لكي نهيم على أوجهنا , و نكتب أخر وصايانا , بعد كل ذلك لما الإجحاد في الحياة لما القسوة في المشاعر و العواطف .
سنطلق العنان بعد كل ما جرى من دمار لأرواحنا الهائمة الضائعة, فنحن أوراق الخريف المتساقطة في أحضان المراعي.
أولئك النائمون على ضفاف الشوارع المزينة بأكياس القمامة ,تحت ستائر النجوم التي اتخذوها غطاءاَ لهم في الشتاء , و أنيس لهم في ليالي الصيف.
أولئك الذين وجدوا بشاعتهم في أعين المارة , أخاطوا خجلهم بدموعهم النقية, أطفال يزداد أعداد شقائهم يمسحون أرصفة الطرقات بأرجلهم الحافية , و يستنزفون كلمات الرجاء , و قواميس الشفقة لقاء مبلغ ضئيل , و أحيانا يضربون إما بالكلام ألاذع , أو بأيادي سائليهم .
و في نهاية اليوم يعودون لأسرتهم المجهزة , و المرتبة , ويلقون برؤوسهم الذليلة , على تلك الأكياس , ليستريحوا من عذاب الطلب .
و أبائهم يسترخون في منازلهم متناسين أولادهم , يدفئون أجسادهم الهرمه , و المتسخة على أجساد أبنائم الباردة , و يأكلون لحمهم الطري , و يسهرون على الضحكات السخيفة , لقاء دمعات أبنائهم الليلية.
و لو جلسنا بقربهم هؤلاء الأطفال و سمعنا حكمتهم , لانفطر قلبك , و تربطت يداك . حيث هنا لا ينفع المال أمام حنين الأب و مشاعر الأم الصادقة. لن يوازي الطفل دفئ صدر أمه أمام أموال المارة , ليكونوا في منظورنا قناديل الحكمة المضاءة و شعار المحبة .
لننتقل خلف ستائر الظلمة و على شرفات المنازل . تتهاوى أشبح الليل , و يدخلوا المنازل ملثمين , يسرقون و ينهبون , و يخرجون إما تعتلي وجوههم الضحكات أم يتمزق قلبهم على من غدروا بهم.
أولئك من سرقوا مستهزئين بمن سرقوهم , يجولون الشوارع , و الطمأنينة تخيم على صدورهم.
في حين من أجبروا على السرقة يطيح القدر بهم ليقعوا في عاقبة الزمان , خلف قضبان ذاتهم و ليس في سجنٍ حديدي ,
و إن دنوت منهم و استفسرت عن السبب, ستجد بين آلاف القصص العشرات منهم مصادقة , و تندفع لتقول , إن كنت في موقف مماثل لن أجد حلا إلا ما أقدمت عليه .
و زوايا السجن نجد براعم الحياة , تزحف على للضوء , حيث فقدوا أخر شعلة للأمل أمام حكم القاضي الذي أجبر على سجن ذاك الطفل و هو يعلم أن الحياة أجبرته على السير في دروب و شوارع السرقة المريرة .
هنا لا ننقم إلا على القدر و نرضى بحكم الزمان و لكن لا نستسلم , و نعلم ذاتنا الحكمة من تجاربنا .
و ندع أماكن لجرح أو ندب أخر للزمان و نحن نقاوم لكي نصبح إنسانيين , بطبعنا و حكماء بعقولنا , لن ندع سيل الأخطاء يعلمنا الحقد و الكره و الغضب و إنما سيعلمنا التجربة و من التجربة تفتح أبواب الحكمة.
تحت ذرات الرمال تتخامد مشاعر العشاق التي قتلت بأيدي الحاسدين, أثنين أشعلت أوصال الحروب بينهم , و تقاذفوا
بأسلحة الحب و قصائد الشعراء , و أمطرت السماء من فوقهم تغاريد الفرح.
برهة سمعت العصافير أصوات النار من فوهات البنادق و المسدسات الغاضبة تقتل تلكم الجوقة الموسيقية التي ابتدعوها .
ليرحلوا عن الدنيا بسعادة الحب و غضب الناس .
سعادة الحب: أنهم وجدوا الدفء, أنهم عثروا على مفتاح قلبهم , و ماتوا ممسكين أيديهم كي لا يضلوا طريق الصعود.
أما غضب الناس : أولئك الذين نعتوهم بالزنا , و أكثروا من الكلام المبهر , و وضعوا أسفل أقدامهم قنابل موقوتة و انتظروا لحظة موتهم مسرورين أنهم طبقوا عدالتهم .
أينما نلتفت سوف نجد للخطأ عنوان , و للعدالة مفتاح , و للقدر يد في كل باب, و فصل ,و سرداب.
لندع قلبنا يرشدنا للطريق و نختار قناديلنا التي تنير دروبنا بحكمة و تعقل .
و لا ننسى أننا سنجد عند كل حافة طريق , كل زاوية, و كل منبر, تجربة فلن نخاف عواقبها ,’ أو نغلق أعيننا ,إنما سنواجه كلماتها ........................
الصحفي علاء محمد