نشرت جريدة "العدل أساس الملك" الحلبية لصاحبها محمد صبحي بصمه جي عام 1920 افتتاحية بعنوان " لا علم بدون إصلاح المدارس " .
كان المدرس في تلك الفترة يعتبر عالماً .
نص المقال:
المدارس أتى عليها حين من الدهر ترعرع فيها العلم وأينعت فروعه فنبغ رجال سطر التاريخ حياتهم بمداد الفخر والإعجاب وحدّث عن أعمالهم التي قاموا بها بما يثلج الصدر، فتركوا من الكتب النافعة و المؤلفات المفيدة و الآثار القيمة ما ازدهرت به الأجيال و الشعوب .
كتبٌ لا تزال نبراساً للخير، ونوراً تستنير بهم الأجيال الآتية، ومصباحاً يهتدي به الأبناء والأحفاد حين حصول ووقوع الاضطراب بين الأفكار.
و لهذه المدارس من الريع ما يكفي لإصلاحها و رتق الخلل الذي جعل طلاب العلم عنها نافرة .
وقد بدأت حركة بين بعض العلماء ترمي إلى إصلاحها وسن الأنظمة الكافلة بتقدمها و رقيها و إخراج طلبةً نافعين للبلد و الشعب، بيد أن هذه الحركة لم تبرز بعد إلى حيز الوجود و لم يظهر لها أثر، فعسى أن لا تهمل شأن كل مشروع في هذه البلاد، و تقبر قبل الولادة فإن الحاجة ماسة إلى إصلاحها و سد الفراغ الذي يشعر به كل عالم تهمه المصلحة العامة .
إن بعض العلماء (وهم نزر) لا يزالون يضحون المصالح العامة على سرير مراكزهم الشخصية، ويحافظون على كرسي الوظيفة مهما كلفهم ذلك من الفت بعضد الأمة وقتل روح العلم ووأدها، خشية أن يلتفت الناس إلى الاشتغال باستظهار العلم و تحصيله، فيظهر نبت العلم الصالح و تتكون روح عالية قادرة على بث روح العلم الصحيح، فيكون ضربة قاضية على مناصبهم و مراكزهم الوهمية التي هي أحب لديهم من حياة الشعب و نفعه.
إن المناصب و الرتب العلمية لم توضع لأن المتربع فوق كرسيها ينال راتبه ثم يسعى و يفرغ قصارى جهده لقتل كل حركة فكرية علمية، و لكنها و ضعت للسعي في ترقية المدارس و سن الأنظمة بما يلائم روح العصر و لكن هي المحافظة على المنافع الشخصية تقف حائلاً دون تحقيق أي مشروع .
يا رجال العلم إن الله لم يخلق فيكم هذه المواهب العالية إلا لكي تنفقوها على مرسليها.
أتناسيتم ما يلحق (بكاتم العلم) وهل ينفق علم إلا إذا كان هناك من الانظمة ما تكفل حياة المشتغل به، و تحفظ له مستقبله و تدرأ عنه عوادي الحاجة.
قلب الطرف لا ترى إلا نفراً من العلماء لا يتجاوز عددهم الأنامل، واذا هبت عليهم الريح لم يبق في مدينة كبرى - تحتوي على ما يقرب من مئتي ألف نسمة - عالم يرجع إليه في حل معضلة.
أليس هذا من أكبر العار الذي يلصق بطائفة العلماء و يسجله عليهم التاريخ.
وحدوا كلمتكم واجمعوا شتات شملكم، وضعوا برنامجاً تسيرون عليه في نهضتكم المباركة، ولا يثني عزمكم صدمة قوية ، ولا يرجعنكم كفرات الشدائد عن المسيرة في تحقيق عملكم الصالح و الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه.
نقلت هذا الموضوع للنقاش أرجو أن يعود بالفائدة ولم أزد بكلمة واحدة
فتأملوا وناقشوا